الرئيسية / سياسة / إغتيال سليماني يُنذر باحتمالات حربــيّة .. وحذر لبناني من التداعيات

إغتيال سليماني يُنذر باحتمالات حربــيّة .. وحذر لبناني من التداعيات

مجلة وفاء wafaamagazine 

بداية مقلقة للسنة الجديدة، ارتسمت معها علامات استفهام حول مصير المنطقة، مع اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، الذي دفعها الى منعطف خطير وجعلها تغلي فوق بركان من الاحتمالات المرعبة.

أمام هذا الحدث الذي تجاوز دويّه الجغرافيا العراقية، حيث نُفّذ الاغتيال، وبلغت ارتداداته دول المنطقة برمّتها، ومن ضمنها لبنان، الذي يقع في هذه المرحلة بين فكّي كماشة يضغطان عليه بقوة غير محتملة، إن من جهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تخنقه، وتزيده تورّما في غياب العلاجات السريعة والملحّة، أو من جهة حدث الاغتيال نفسه، وما قد يستتبعه من تداعيات خطيرة على دول المنطقة، ومن ضمنها لبنان الواقع دائماً على خطّ العواصف والزلازل الإقليمية والدولية.

ولعلّ السؤال الذي يراود كلّ لبناني أمام هذا الحدث: هل سيكون لبنان في منأى عن تداعيات الاغتيال، في وقت ينوء فيه تحت ثقل أزمة تضغط على كلّ مفاصله؟ وهل انّه – في حال الوهن التي يعانيها على كلّ المستويات – يملك القدرة على مواجهة التداعيات إن تمدّدت ارتدادات اغتيال سليماني اليه؟ والسؤال الأهم هل سيعدّل هذا الحدث المسار الحكومي الذاهب كما يبدو نحو حكومة اختصاصيين. وفي وقت ليس ببعيد عمّا يتسرّب من زوايا مطبخ التأليف، نحو إعادة خلط اوراق التأليف وتغليب فكرة تمّ تداولها في الساعات الاخيرة، وترمي الى تشكيل حكومة تستوجبها التطورات المتسارعة في المنطقة، وبلون سياسي واضح، يملك ولو الحدّ الأدنى من الامكانات والمعنويات لمواجهة احتمالات المرحلة المقبلة، ذلك انّ حكومة اختصاصيين كالتي يُعمل على تشكيلها، ستبدو وكأنها تسير في خطّ معاكس للتطورات، ولن تكون في مطلق الأحوال، وبوجوهها «التكنوقراطية»، قادرة على مواجهة تحدّيات وتداعيات قد تتسم بالخطورة؟

وعلى مستوى الحدث نفسه، دفع اغتيال سليماني، الذي أعلن الجيش الاميركي تنفيذه في العراق، بإذن مباشر من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، التوتر بين الولايات المتحدة الاميركية وايران الى مستوى غير مسبوق في تاريخ العلاقة الصدامية بينهما منذ نشوء الدولة الاسلامية في ايران، وتوحي حركة الاستنفارات المتبادلة بين واشنطن وطهران، وخصوصاً في القواعد الاميركية في المنطقة، والاساطيل البحرية والجوية، بأنّ لهذا الاغتيال تداعيات دراماتيكية، ليس في الامكان تقدير حجمها ورقعتها الجغرافية، ونتائجها وتأثيرها على كلّ دول المنطقة.

أمام هذا المشهد المقلق، تسود دول المنطقة بشكل عام، حال من حبس الأنفاس، وخشية كبرى من أن تنجرف المنطقة في ايّ لحظة الى مواجهة عسكرية مباشرة، وربما الى حرب اقليمية شاملة، كترجمة للتهديدات الاميركية المباشرة، وللإعلان المباشر من قبل ايران بردّ انتقامي قاس على اغتيال سليماني.

وبمعزل عن سيل التكهنات التي قاربت الاغتيال بوصفه إعلان حرب من قبل الولايات المتحدة الاميركية على ايران، وانّه يشكل شرارة اشعال لمواجهة كبرى بينهما، سواء أكانت مواجهة محدودة ضمن الرقعة الجغرافية العراقية، أم حرباً شاملة تتوسع رقعتها الى دول المنطقة، وهو أمر ستبيّنه الوقائع المتسارعة على هذا الصعيد في مدى ليس ببعيد، فإنّ سلّة من الاسئلة تُحضّر أمام هذا الحدث:

أولاً، أي سيناريو معدّ للمنطقة بعد هذا الاغتيال، وأي قواعد جديدة يراد فرضها على منطقة ملتهبة اصلاً قبل الاغتيال، وتقف على شفير انفجار؟

ثانياً، لماذا قرّر الأميركيون تجاوز ما كانت تسمى خطوطاً حمراء، وبادروا الى تنفيذ عملية اغتيال سليماني في هذا التوقيت بالذات؟

ثالثاً، هل غيرت الولايات المتحدة استراتيجيتها المواجهة لإيران بسلاح العقوبات والخنق الاقتصادي لها، وقررت الذهاب الى مواجهة عسكرية مباشرة وشاملة معها، وإن صحّ ذلك، فلأيّ هدف، وما هو مداها الزمني، وهل ستكون المواجهة سهلة، وهل يمكن لمواجهة كهذه أن تُخصع ايران وترسم خريطة جديدة في المنطقة؟

رابعاً، على رغم التهديدات الايرانية العالية النبرة وتوعّدها بما سمّته ردّاً قاسياً وقاصماً على الاميركيين، هل انّ ايران في ظلّ العقوبات التي تخنقها جاهزة لمواجهة أو لحرب عسكرية مع الاميركيين؟

خامساً، هل مردّ هذا الاغتيال الى اسباب عراقية، مرتبطة بالاحداث الاخيرة التي شهدها العراق، إن بالاستهداف الاميركي للحشد الشعبي، او بالمواجهات التي استهدفت السفارة الاميركية في بغداد؟

سادساً، هل مردّ هذا الاغتيال الى أسباب أميركية تتّسم من جهة ببعد هروبي من مأزق داخلي يعانيه الرئيس الاميركي في الولايات المتحدة والمحاولات الجارية لعزله من قبل الحزب الديموقراطي، ومن جهة ثانية ببعد استثماري في الانتخابات الرئاسية الاميركية التي يسعى فيها دونالد ترامب الى الظفر بولاية رئاسية ثانية.

سابعاً، ماذا عن الردّ الايراني وطبيعته وحجمه، وهل سيكون سريعاً، أم أنّه سيترك لتوقيت إيراني معيّن قريب المدى او متوسط او بعيد؟ وماذا عن حدود هذا الردّ، إن حصل؟ هل سيُحصر داخل الحدود العراقية التي وقع فيها الاغتيال، أم انّه سيتوسع الى أماكن اخرى في المنطقة، ويأخذ أشكالاً اخرى عسكرية وغير عسكرية؟

ثامناً، ماذا عن حلفاء ايران، فهل سيكونون شركاء في هذا الردّ، إن في سوريا أم في اليمن أو في لبنان، حيث يعتبر «حزب الله» نفسه مصاباً بشكل مباشر باغتيال سليماني، أم أنّ الردّ سبقى محصوراً بالإيرانيين دون حلفائهم؟

تاسعاً، أين اسرائيل من هذا الاغتيال؟ خصوصاً وانّ رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو قطع زيارته الى اليونان، في وقت اتخذ الجيش الاسرائيلي في ساعات ما بعد الاغتيال اجراءات احترازية على طول الجبهة الشمالية بدءاً من الجولان في جبل الشيخ وصولاً الى الحدود مع لبنان؟

عاشراً، ايّ تطورات مقبل عليها العراق بعد اغتيال سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي، وما هو مستقبل العراق في ظلّ ما قد يحصل من تطوّرات تبعاً للتهديدات التي أطلقها الحشد الشعبي والتحضيرات لمواجهة الأميركيين؟

حادي عشر، ما هو مستقبل الوجود الاميركي في العراق في ما لو تطوّرت الامور الى مواجهات عنيفة، وعمليات عسكرية ضدّ الجنود الاميركيين.

الاغتيال

وكان الاغتيال قد وقع فجر الخميس الجمعة في المطار، وأدى الى مقتل سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وعدد آخر من العسكريين وعناصر من الحشد الشعبي.

وأشار الحشد الشعبي الى مقتل 10 أشخاص في الضربة الأميركية، بينما كانت السلطات العراقية تحدثت عن 9 قتلى. وفيما ذكر أن تشييع القائدين العسكريين سيحصل اليوم، لم تشر إيران الى تفاصيل نقل جثمان سليماني الى البلاد. وفي هذا السياق يقيم «حزب الله» تأبيناً غداً لسليماني يتحدث فيه الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي نعى سليماني امس، وقال: «القصاص العادل من قتلته المجرمين الذين هم أسوأ أشرار هذا العالم سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كلّ المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم».

واشنطن

واعلن البنتاغون انّ الجيش الاميركي نفذ العملية بتوجيه من الرئيس ترامب. الّا انّ مسؤولاً عسكرياً أميركياً أكّد لـ»فرانس برس» أنّ العملية نفذت بـ»ضربة دقيقة من طائرة مسيّرة».

واعتبر ترامب انّ سليماني كان يجب أن يُقتل «قبل سنوات عدّة». وأتبع ذلك بتغريدة بعد الاغتيال نشر فيها صورة العلم الأميركي وتعليقاً كتب فيه انّ «إيران لم تفز يوماً بحرب، لكنّها لم تخسر مفاوضات». فيما اعلن وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو انّ سليماني «كان قبل مقتله يخطّط لعمل كبير وشيك يهدّد المواطنين الأميركيين. وكان هذا هو التقييم الاستخباريّ الذي وجّه عملية اتخاذ قرارنا».

وقرن بومبيو كلامه بنشر تسجيل فيديو قال إنّه لعراقيين «يرقصون في الشارع» احتفالاً بمقتل سليماني. معلناً في الوقت نفسه التزام واشنطن «خفض التصعيد» مع ايران، مشيراً الى انّه تحدث إلى نظيريه البريطاني دومينيك راب والألماني هايكو ماس، وعضو المكتب السياسي الصيني يانغ جيشي بشأن مقتل سليماني. معلنا بعد ذلك الامتنان «لأنّ حلفاءنا يدركون التهديدات العدوانية المستمرة التي يمثلها فيلق القدس الإيراني».

وبحسب الوكالات الاجنبية فإن واشنطن راقبت منذ أشهر تحركات الجنرال سليماني عن قرب، وكان بمقدورها استهدافه قبل عملية الجمعة. وذلك بالتوازي مع تعزيزات اميركية، حيث جرى الاعلان ان الولايات المتحدة ارسلت في الأشهر الأخيرة أكثر من 14 ألف عسكري في سياق تعزيز الحضور الإقليمي، كما تمّ إرسال نحو 750 إضافيين عقب الهجوم على السفارة الاميركية في بغداد الثلثاء الماضي، كذلك اعلن وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر امس الاول الخميس إنّ فوجاً من نحو 4 آلاف عنصر تلقى الأوامر بالاستعداد إذ يمكن نشره في الأيام المقبلة.

وربطاً بهذا التطور. دعت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة المواطنين الأميركيين إلى مغادرة العراق «فوراً»، فيما اعلنت وزارة النفط العراقية أمس الجمعة مغادرة عدد من الموظفين الأميركيين العاملين في قطاع النفط للبلاد، بموجب طلب سفارة بلادهم مغادرة العراق «فوراً».

وفي السياق الاميركي ايضاً، سارع الجمهوريون الى التعبير عن دعمهم القوي للهجوم الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاغتيال سليماني، فيما حذّر الديموقراطيون من تداعيات العملية. ويؤشر هذا الانقسام الى حال الاستقطاب الحاد الذي تعاني منه الولايات المتحدة قبل انتخابات الرئاسة الاميركية.

ووصف الجمهوريون قرار ترامب باغتيال سليماني بالشجاع، مع توعّد للحكومة الايرانية مفاده « إذا كنتم تريدون المزيد فستحصلون على المزيد»، الّا انّ الديموقراطيين اعتبروه تجاوزاً للكونغرس حيث قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت إنغل (ديموقراطي): «هذه الضربة تمّت بدون إخطار الكونغرس أو التشاور معه. وتنفيذ عمل بمثل هذه الخطورة من دون إشراك الكونغرس ينطوي على مشاكل قانونية خطرة ويشكّل إهانة لصلاحيات الكونغرس. وكثيرون سيعتبرون سليماني شهيداً وأشعر بقلق عميق من انعكاسات هذه الضربة».

وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إنّ قتل سليماني في ضربة أميركية يهدد بإحداث تصعيد خطير للعنف»، وأميركا والعالم لا يمكنهما تحمّل تصعيد في التوتر يصل إلى درجة اللاعودة». فيما اعتبر جو بايدن، النائب السابق للرئيس والمرشح للانتخابات التمهيدية للديموقراطيين، انّ ترامب ألقى للتوّ إصبع ديناميت في برميل بارود ، ومن المؤكد أنّ إيران ستردّ. وربما نكون على حافة نزاع كبير في الشرق الأوسط» فيما اعتبر بيرني ساندرز، المرشح الديموقراطي الآخر الى الرئاسة، أنّ «تصعيد ترامب خطير ويقربنا أكثر من حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط».

إيران

وأمّا في إيران، فكان حدث اغتيال سليماني صادماً، حيث سارع المرشد الايراني السيد علي خامنئي الى تعيين اسماعيل قاءاني قائداً جديداً لفيلق القدس خلفاً لسليماني.

وتوعدت ايران بردّ قاس على الاغتيال، حيث اكّد مجلس الأمن القومي الإيراني في بيان أنّ اغتيال سليماني، «أكبر خطأ استراتيجي ارتكبته الولايات المتحدة في المنطقة».

وأعلن المجلس إثر الاجتماع أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن جميع تداعيات وعواقب هذه المغامرة الإجرامية، مشدداً على أنّ اغتيال قاسم سليماني خطأ في الحسابات لن تفلت واشنطن من عواقبه بسهولة.

واكد البيان «ان على الولايات المتحدة أن تنتظر انتقام إيران الساحق في المكان والزمان المناسبين، وانّ إيران ستواصل خطّ الجهاد والمقاومة بعزم أكبر ومن دون مواربة، وانّ اغتيال سليماني والقادة الكبار برفقته جاء انتقاماً لـ»داعش» والإرهاب التكفيري في سوريا والعراق، وانّ على من ابتهجوا لجريمة اغتيال سليماني أن يعلموا أنّ هكذا عملية عمياء ستضاعف من سياسة المقاومة الفاعلة التي تنتهجها إيران ومن دون أيّ تراجع»

وتوعّد خامنئي «بانتقام قاس» بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني، وأعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام في البلاد.وقال:»إن شاء الله لن يتوقف عمله وطريقه هنا. وانتقام قاس ينتظر المجرمين الذين لطخت أيديهم بدمائه ودماء الشهداء الآخرين».

واكد الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أن إيران و»الدول الحرة في المنطقة من المؤكد انّها ستنتقم من أميركا على هذه الجريمة البشعة».

وحذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من أنّ مقتل سليماني، يمثّل «تصعيداً خطيراً للغاية ومتهوّراً». وقال: «الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية كل عواقب مغامرتها المارقة».

وتوعد الحرس الثوري الايراني أيضاً بالانتقام. وقال الناطق باسم الحرس الثوري رمضان شريف إنّ «فرح الأميركيين والصهاينة حالياً سيتحول الى عزاء لهم».

واشار الى انّ اليوم يعتبر بداية مرحلة جديدة للحرس الثوري وجبهة المقاومة». وقال: إنّ الحرس الثوري والشعب وجبهة المقاومة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ستأخذ الثأر لدماء هذا الشهيد الشامخ».

وأمّا رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، فقال :سننتقم له من أميركا شرّ انتقام».

واقترنت هذه المواقف بخروج حشود بعد صلاة الجمعة الى وسط العاصمة الإيرانية وردّدت «الموت لأميركا» كما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

العراق

وحذّر العراق من «حرب مدمرة» بعد اغتيال سليماني والمهندس، واعتبر رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي أنّ الضربة الجوية الأميركية تشكّل «تصعيداً خطيراً يُشعل فتيل حرب مدمرة» في العراق، فيما سيلتئم البرلمان العراقي اليوم. وصدرت دعوات من داخل المجلس لجمع تواقيع نواب للمطالبة بأن يبحث البرلمان في التواجد العسكري الأميركي في البلاد الذي يُعدّ اليوم 5200 جندي.

كما صدرت دعوات في العراق للردّ على العملية الأميركية، حيث أمر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر باستئناف نشاطات «جيش المهدي»، وقال أحد أبرز قياديي الحشد الشعبي هادي العامري «نناشد كلّ القوى الوطنية توحيد صفوفها من أجل إخراج القوات الأجنبية التي أصبح وجودها عبثاً في العراق»

وفور شيوع نبأ إغتيال  سليماني ارتفع سعر النفط أكثر من 4% بسبب مخاوف الأسواق على موارد الذهب الأسود، وسجّلت أسواق المال الكبرى في العالم تراجعاً.

إسرائيل

وفي إسرائيل، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة تأهب تخوّفاً من توعّدات إيران بالانتقام لإغتيال سليماني.

وأيد نتانياهو الضربة الاميركية التي قتلت سليماني وقطع زيارته الرسمية الى اليونان وعاد الى إسرائيل بشكل عاجل بعد الضربة التي أثارت مخاوف من تصعيد آخر في الشرق الأوسط.

وقال عند مغادرته اليونان «مثلما يحقّ لإسرائيل الدفاع عن نفسها يحقّ للولايات المتحدة الدفاع عن نفسها، قاسم سليماني مسؤول عن مقتل مواطنين أميركيين وغيرهم من الأبرياء وكان يخطط لهجمات جديدة».

وأشاد بقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب التصرف «بسرعة وبقوة وبحزم» عبر شنّ ضربة أدّت الى مقتل سليماني في العراق.

وتحدّث نتانياهو خلال هذا الاسبوع مرتين مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لمطالبته «بزيادة الضغط» على ايران التي يتهمها بالسعي الى الحصول على أسلحة نووية تهدد إسرائيل.

وكان صحافي من وكالة فرانس برس قد شاهد الجمعة تحركات الدبابات والجنود الإسرائيليين تسدّ الطريق وتنتشر على سفح جبل الشيخ في الجولان المحتل وحيث نصبت صواريخ القبة الحديدية المضادة للصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.

وقال مصدر عسكري اسرائيلي لفرانس برس «لا توجد تعزيزات عسكرية في شمال البلاد ولم يتغير شيء على السكان المحليين».

وعقد وزير الدفاع الاسرائيلي نفتالي بنيت امس، اجتماعاً لتقييم الوضع في وزارة الدفاع في تل ابيب مع رئيس الاركان الاسرائيلي ورئيس مجلس الامن القومي ورئيس الموساد وغيرهم من كبار مسؤولي الاجهزة الامنية، وفقاً لبيان صدر عن مكتبه.

وقال الدكتور يوسي منشارف من معهد القدس للاستراتيجية والأمن المتخصص في شؤون حزب الله «إن حزب الله مشغول للغاية بالاحتجاجات في لبنان. لكن يمكن لحزب الله العمل من الجانب السوري ضدّ إسرائيل، فلن يُقدموا على جرّ لبنان إلى تصعيد عسكري مع إسرائيل».

واضاف منشارف «وفي سوريا لا يوجد فقط حزب الله وفيلق القدس، بل هناك أيضاً العديد من المجموعات  التي درّبها سليماني».

مواقف عربية

وفيما توجه لبنان الرسمي بالتعازي الى القيادتين الايرانية والعراقية، واستنكرت وزارة الخارجية اغتيال سليماني، ندد الرئيس السوري بشار الاسد باغتيال سليماني، دعت السعودية والإمارات العربيّة المتحدة الى تجنّب التصعيد بعد مقتل سليماني. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية: «مع معرفة ما يتعرض له أمن المنطقة واستقرارها من عمليات وتهديدات من قبل الميليشيات الإرهابية تتطلب إيقافها، فإن المملكة وفي ضوء التطورات المتسارعة تدعو إلى أهمية ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا تحمد عقباه».

وأمّا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش فغرّد قائلاً: في ظلّ التطورات الإقليمية المتسارعة لا بدّ من تغليب الحكمة والاتزان وتغليب الحلول السياسية على المواجهة والتصعيد». فيما دعا الحوثيون الى ردّ «سريع ومباشر» ضد القواعد الأميركية.

.. ودولية

دوليّاً، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أنّ اغتيال سليماني، يهدّد «بتفاقم خطير للوضع» في الشرق الأوسط.

وقال الكرملين في بيان «لقد لوحظ أن هذا العمل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة بشكل خطير»، مضيفاً أنّ فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون أعربا عن «قلقهما» بعد اغتيال سليماني.

واعلن  قصر الاليزيه انّ ماكرون سيبقى على «اتصال وثيق» مع بوتين لمتابعة الوضع في العراق «وتجنب تصعيد جديد خطير للتوتر» وانّه دعا «كلّ الاطراف الى ضبط النفس». وأكّد «تمسك فرنسا بسيادة وأمن العراق واستقرار المنطقة» داعياً إيران الى «العودة سريعاً الى الاحترام الكامل لالتزاماتها النووية والامتناع عن ايّ استفزاز».

ورد وزير الخارجية الاميركية على الموقف الفرنسي قائلاً: فرنسا «مخطئة» باعتبارها العالم «أكثر خطورة» بعد مقتل سليماني ، بل أنّ «العالم أكثر أماناً اليوم، ويمكنني أن أؤكد لكم أنّ الأميركيين في المنطقة أصبحوا اكثر أماناً بعد مقتل سليماني».

وفيما عبّرت برلين عن «قلقها الشديد» بعد مقتل سليماني، ودعت الى «خفض التصعيد»، جاء الموقف البريطاني في ذات السياق، وكذلك الموقف الصيني الذي دعا كلّ الاطراف الى ضبط النفس، وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش في بيان، إنّ «العالم لا يمكنه تحمّل حرب جديدة في الخليج».

الحكومة

محليّاً، تراجع الحدث الحكومي عن صدارة الاهتمام الداخلي، جرّاء حدث الاغتيال، فيما ظلت المشاورات قائمة لتوليد الحكومة ضمن فترة لا تتجاوز أياماً قليلة.

وفي جديد التشكيلة الحكومية كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الجمهورية» أنّ حركة الاتصالات انتهت الى اقتراح إسناد وزارة الدفاع الى ضابط متقاعد هو اللواء والمفتش العام السابق في الجيش ميشال منسّى. وتردّد امس ايضاً عن تغيير جذري في وزارة الداخلية أسقطت اقتراح تعيين القاضي فوزي أدهم لأسباب مختلفة، وقد يكون البديلَ ضابطٌ متقاعدٌ بالنظر الى حجم المهام الأمنية الملقاة على عاتقها.

وعلى صعيد آخر حسمت الاتصالات بأنّ يكون ممثل المردة في الحكومة وتحديداً لحقيبة الأشغال سيدة، وطلب الى النائب فرنجية تسمية سيّدتين ليصار الى اختيار واحدة منهن.

وفي جانب مماثل، تبين انّ السيدة الأرمنية التي تتولى وزارتي الثقافة والتنمية الإدارية محصورة بين سيدتين: فارتنيي أوهانيان والدكتورة سركيسيان،

كما عُلم أنّ تبديلاً طال وزارة العدل فاستبعدت النقيبة أمل حداد دون إبعادها عن التركيبة الحكومية لصالح رئيس مجلس الشورى السابق القاضي هنري خوري .

وتردّد ليل امس انّ وزير الخارجية جبران باسيل زار الرئيس المكلف حسان دياب في لقاء بعيد من الإعلام للبحث في الأسماء الجدية، وسط معلومات عن تحفظات سابقة لدياب وإصراره على أن يكون الدكتور دميانوس قطار في التركيبة الحكومية في وقت قيل انّ باسيل سيحمل اليه اسمين جديدين لوزارة الخارجية هما السفير اللبناني السابق المتقاعد شربل اسطفان ومندوب الجامعة العربية السابق في باريس السفير المتقاعد ناصيف حتّي . كمما تردّد عن اقتراحه بتسليم وزارتي البيئة والتنمية الإدارية الى السيدة منال مسلّم بعدما حُسمت حقيبتا الشؤون الاجتماعية والمهجرين الى ممثل ارسلان في الحكومة الدكتور رمزي مشرفية ومعهما وزارة النازحين التي دمجت بالشؤون الاجتماعية.

الجمهورية