الرئيسية / آخر الأخبار / التطمينات الفرنسية ليست كافية بعد الدعم الأميركي لإسرائيل … ما أبعاد تحميل واشنطن الحكومة مسؤولية عدم حسم ملف السلاح؟

التطمينات الفرنسية ليست كافية بعد الدعم الأميركي لإسرائيل … ما أبعاد تحميل واشنطن الحكومة مسؤولية عدم حسم ملف السلاح؟

مجلة وفاء wafaamagazine

كتب عمر البردان في “اللواء” :

لا يفوت الموفد الأميركي توم براك مناسبة منذ مغادرته بيروت في زيارته الثالثة، إلا ويزيد من تحميله الدولة مسؤولية التأخير في معالجة سلاح “حزب الله”، في مؤشر يحمل الكثير من الخطورة، من أن يكون هذا الكلام مقدمة لدفع إسرائيل، إلى تسخين الجبهة مع لبنان أكثر فأكثر، وبالتالي إمكانية العودة إلى جولات الحرب، بعدما وصلت الأمور إلى الحائط المسدود، برفض بيروت وفقاً للقراءة الأميركية تحديد أي موعد لسحب السلاح غير الشرعي . وهذا مرده برأي مصادر وزارية إلى رفض براك تقديم ضمانات لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، أو الحصول على وعود بضمان انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس . ومن هنا فإن الأمور قد تكون ذاهبة إلى مزيد من التصعيد ، وما يمكن أن يتركه ذلك من تداعيات على لبنان والمنطقة برمتها. وفيما كشفت المعلومات أن واشنطن قد تدعم أي عمل تقوم به إسرائيل ضد قطاع غزة، فإن هذا التطور في حال حصوله، قد يشكل منعطفاً بالغ الأهمية، من حيث تشجيع الاحتلال على استئناف الحرب على لبنان بوتيرة أقوى . في ظل انكفاء أميركي واضح عن الضغط على إسرائيل، يقابله جهود فرنسية تحدث عنها رئيس الحكومة نواف سلام لحماية لبنان . لكن هذه التطمينات لا تخفف من تزايد حدة القلق على لبنان، إذا حصلت إسرائيل على الضوء الأخضر من الأميركيين . وهذا بالتأكيد سيحمل في طياته مخاطر كارثية على لبنان برمته، بعدما تبلغ الأخير رسائل تحذيرية من واشنطن بوجوب أن يسلم “حزب الله” سلاحه للجيش اللبناني، تجنباً للاسوأ في المرحلة المقبلة .

وفي حين استنفر لبنان دبلوماسيته على أعلى المستويات، من أجل تحصين الجبهة الداخلية وتأمين مظلة أمان للبلد، يواصل رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي يبدأ زيارة إلى الجزائر، اليوم، إلى جانب رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس سلام، سلسلة اتصالات داخلية وخارجية، في إطار المتابعة المستمرة للتطورات، بعد تسليم الرد اللبناني على الملاحظات الأميركية ، إلى جانب الاتصالات الإقليمية والدولية الجارية للحدّ من التداعيات المحتملة. على ما تبلغه المسؤولون اللبنانيون من عدد من قادة الدول، في سياق جهودهم المبذولة على هذا الصعيد. وفيما كشف الرئيس عون عن اتصالات يجريها مع قيادة “حزب الله” بشأن السلاح، سعياً لإبقاء لبنان بمنأى عن أي ردات فعل ، إلا أن مصادر وزارية تؤكد ل”اللواء”، أن لبنان ليس في وارد أن يدخل في مواجهة مع “الحزب” أو غيره في ما يتصل بموضوع السلاح، مهما اشتدت الضغوطات . وهذا الأمر سيجد طريقه إلى التنفيذ عاجلاً أم آجلاً، بعدما اتخذ القرار بشأنه في مجلس الوزراء، وتم إبلاغه إلى جميع المعنيين، في الداخل والخارج . وتشير إلى أن لبنان أبلغ الأميركيين وغيرهم، أن الحوار بين اللبنانيين كفيل بمعالجة كل الظواهر الشاذة، ومن بينها ملف السلاح .


ولا يبدو أن الجهود العربية بعيدة عما يجري، لناحية الحرص على أن تكون للدولة اللبنانية الكلمة الأولى والأخيرة في موضوع السلاح، في ظل أجواء تفاؤلية لما يمكن أن يثمر عنه الحراك الدبلوماسي العربي والدولي تجاه لبنان. وتحت هذا العنوان تتحرك “الخماسية” في إطار تأمين أوسع دعم للبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، سيما وأنه يواجه المهمة الأصعب، وهي تنفيذ الإصلاحات وسحب السلاح غير الشرعي، في إطار تنفيذ مضمون البيان الوزاري للحكومة، والذي يعلق عليه اللبنانيون والخارج آمالاً كبيرة لإخراج لبنان من هذا الوضع الصعب الذي يتخبط فيه، فإنها أشارت في الوقت نفسه، إلى أن انتظام الحياة الدستورية في لبنان بالشكل المطلوب، سيفتح الطريق أمام تدفق المساعدات على لبنان، في مرحلة إعادة الأعمار، شريطة أن يحصل تغيير جدي في الظروف الراهنة، من أجل تهيئة الخطوات المطلوبة على هذا الصعيد. وأن يشعر الأشقاء والأصدقاء، بأن هناك توجهاً جديداً للحكم والإدارة في لبنان، لا يخضع للحسابات السياسية الضيقة التي كانت تفرض نفسها في السنوات الماضية . لأن مثل هكذا توجه سيفتح أبواب الدعم الخارجي للبنان ، للخروج من أزماته التي تتهدده بتداعيات غاية في الخطورة، ما لم تتكاتف الجهود العربية والدولية لإنقاذه، وإعادته إلى وضعه الطبيعي . وهذا بالتأكيد لن يحصل إلا إذا كان المسؤولون اللبنانيون على دراية تامة بما هو مطلوب منهم على صعيد الإصلاحات، وترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات في لبنان، حيث يحتل ملف السلاح الأولوية على ماعداه .

وفي إطار سعي العهد لإعادة ترتيب العلاقات مع الأشقاء ، وما يمكن أن يقدموه من دعم للخروج من هذه المرحلة الشديدة الصعوبة. تأتي زيارة الرئيس عون إلى الجزائر ، من أجل تعزيز فرص التعاون والبحث في العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، سيما على الصعيد الاقتصادي . في ظل اهتمام لبنان بتطوير علاقاته مع الدول العربية، وما يمكن أن تقدمه من دعم على أكثر من صعيد، بعد الزيارات التي قام بها رئيس الجمهورية إلى دول الخليج، سعياً من أجل توفير مناخات إيجابية تساعد في تجاوب المسؤولين الخليجيين مع المطالب التي حملها معه ، وتحديداً ما يتصل بالملف الاقتصادي . وقد وضع الرئيس عون قادة هذه الدول في أجواء ما يعانيه لبنان من أزمات على مختلف الأصعدة، وما يمكن للأشقاء أن يقدموه من دعم. ويعول لبنان على تطوير اتفاقاته النفطية مع الجزائر من أجل التخفيف من الأزمات التي يعانيها على هذا الصعيد، وحتى يتمكن من تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة .