مجلة وفاء wafaamagazine
جولة صغيرة على الأسواق وتحديداً على محلّات بيع التجزئة وأكشاك الطريق تُظهر أن ارتفاع الأسعار طال سلعاً ذات منشأ وطني، كعبوات المياه وعلب المحارم وبعض أصناف الشوكولا و”البسكويت” والعلكة وغيرها الكثير، على الرغم من عدم إضافة المصانع والشركات أي زيادة عليها.
كما تسجّل في حالات كثيرة زيادة 250 ليرة على كل قطعة، على الرغم من أن زيادة الشركات على العلبة التي تتألف من 12 قطعة لم تتجاوز الألف ليرة.
“المياه”… على سعرها
هذا الواقع ينسحب بشكل فاضح على صنفين أساسيين لاحقتهما “نداء الوطن”، وهما: علب محارم أحد المعامل الوطنية، وقناني مياه تنورين. فالصنفان أضيف إلى سعريهما في كثير من المتاجر زيادة تراوحت بين 250 ليرة و500 ليرة على المبيع الإفرادي.
مدير التسويق في شركة “تنورين” لتعبئة المياه غسان جعجع يقول ان الشركة لم ترفع بعد أسعار منتجاتها لغاية الساعة. ويرى أن “الأسعار الصحيحة نلاحظها في المتاجر الكبيرة حيث لم يطرأ أي تغيير على الأسعار، إنما هناك بعض محلّات بيع التجزئة التي استغلّت الوضع وعمدت إلى رفع أسعار منتجاتنا، وهو ما دفعنا إلى التوضيح بأن الارتفاع ليس من الشركة، بعد تلقّي الكثير من الشكاوى”.
لا مفرّ من الزيادة
ويلفت جعجع إلى أنه “من الصعب ان تستمر شركات تعبئة المياه العاملة في لبنان في المحافظة على أسعارها القديمة في ظل وصول سعر صرف الدولار إلى 2500 ليرة. وهي ستضطر مجبرة عاجلاً أم آجلاً إلى زيادة أسعارها”.
كلفة استيراد المواد الاولية لشركات تعبئة المياه تبلغ نحو 50 في المئة من كلفة الإنتاج، وهي تتوزع على كبسولات البلاستيك والملصقات والفلاتر، في حين ان الماء والمأجور فقط يدفعان بالليرة اللبنانية. وكغيرها من الشركات والمصانع تضطر الى شراء الدولار من السوق من أجل تأمين الإستيراد.
وبحسب جعجع فإن “شركات تعبئة المياه تدرس جدياً أوضاعها ونسبة الإضافة التي ستزيدها على منتجاتها”.
بدوره، يؤكد نائب رئيس جمعية الصناعيين، وصاحب معمل “opp” للصناعات الورقية زياد بكداش أن “كلفة استيراد المواد الاولية تشكّل ما بين 40 إلى 60 في المئة من كلفة الإنتاج النهائية للصناعات الورقية”.
الخسائر بالنسبة إلى مختلف الصناعات الوطنية لا تنحصر في فرق سعر صرف الدولار كما يظن الكثيرون، إنما في تقليص مهل الدفع أو إلغائها في أحيان كثيرة. ويشير بكداش إلى أن “المورّدين والمصارف الذين كانوا يعطون المصانع مهلة 90 و120 يوماً على التوالي من أجل الدفع، توقّفوا نهائياً عن تقديم هذه الإجراءات. فالمورّدون يشترطون الدفع قبل التصنيع، فيما توقفت المصارف عن إعطاء التسهيلات بعد وصول البضائع”.
تُمثّل الصناعات الورقية جانباً مهمّاً من الصناعة الوطنية، حيث يوجد حوالى 40 مصنعاً يُشغّلون آلاف العمال والموظفين. قسم كبير منهم أصبح اليوم عرضة للإقفال النهائي. أما الحلّ برأي بكداش فهو”لا يتأمّن في ظل هذه الظروف إلا من خلال زيادة الاسعار بنسبة 40 في المئة، إذا اعتبرنا أن سعر الصرف 2500 ليرة”.
الرقابة غير كافية
الحديث عن رقابة الأسعار وتنظيم محاضر الضبط أصبحا اليوم كجلد الذات، خصوصاً أنه “لم يعد هناك من آليات تتضمّن عدم تفلّت الأسعار”، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك د. زهير برو. وبرأيه فإن “الآليات التي تحدّد الأسعار كالإستقرار النقدي والمنافسة وغياب الإحتكارات ووجود القوانين الحمائية…أصبحت اليوم مفقودة. وبالتالي فإن تدابير مديرية حماية المستهلك ووزارة الإقتصاد غير كافية في ظل أزمة بهذا الحجم”.
ويُشدّد على أن “المطلوب خطة متكاملة لمعالجة الاسعار وانهيار القدرة الشرائية، إذ ان المعالجة الجزئية غير كافية، وهي كمن يحارب طواحين الهواء”.
ويبدو من خلال ذلك أنه على الرغم من أن “الأسعار نار” وترتفع بوتيرة غير مسبوقة، إلا أن المستجدّات تُنذر بأن “مشوار” الغلاء لا يزال في بداياته.
جمعية “حماية المستهلك” طرحت حلاً يكفل برأيها تخفيض الأسعار بشكل سريع ويتمثل في 3 نقاط:
– توسيع القطاعات المدعومة بدولار “المركزي”. فبالإضافة الى القمح والنفط والدواء على الدولة دعم اللحوم والحبوب والأجبان والألبان التي تشكّل الغذاء الأساسي للّبنانيين.
– إلغاء الإحتكارات، والتي تشمل حوالى 20 قطاعاً، فوراً بقرار من مجلس النواب. وهو ما يضمن انخفاضاً فورياً في الأسعار.
– تثبيت أسعار السلع الاساسية.
هذه الإجراءات في حال اعتمادها تُشكّل بحسب برو “المدخل الأساسي لحماية وتنظيم الأسعار. وتنتفي معها ضرورة تدخّل مديرية حماية المستهلك في تنظيم محضر من هنا وضبط من هناك”.
المصدر: نداء الوطن