الأخبار
الرئيسية / أخبار العالم / أدوات التصدّي لـ"صفقة القرن".. ورقتان بيد السّلطة ورفض جماهيري واسع!

أدوات التصدّي لـ"صفقة القرن".. ورقتان بيد السّلطة ورفض جماهيري واسع!

مجلة وفاء wafaamagazine

على وقع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، موعد الكشف عن تفاصيل خطّة السلام الأميركية في الشرق الأوسط والمعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”، والذي سيكون اليوم الثلاثاء عند الخامسة مساءً بتوقيت غرينيتش (السابعة مساء بتوقيت بيروت)، تطرح تساؤلات حول أدوات المواجهة التي تملكها السلطة الفلسطينية للتصدّي للصفقة المنوي تمريرها.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس القيادة الفلسطينية إلى اجتماع طارئ، اليوم الثلاثاء، يبدأ قبل ساعة من التوقيت المخطّط لنشر “صفقة القرن”، وذلك في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وفق ما أفادت وكالة “وفا” الفلسطينية الرسمية.
و”صفقة القرن” التي تحمل بنوداً عدة، من شأنها أن تسفر عن ضمّ الضفة الغربية لإسرائيل وبالتالي تقويض حلم الدولة الفلسطينية المنتظرة. وبحسب تقريرٍ نشره موقع “عربي 21″، يرى محلّلون فلسطينيون أنّ السلطة الفلسطينية تستطيع اتخاذ إجراءات معيّنة للتصدي لـ”صفقة القرن”، وإعلان مواقف جديدة قد “تقلب الطاولة”، وتنسجم مع الموقف الشعبي الرافض للصفقة وتبعاتها، وربما أبرز ما يتم الحديث عنه هو إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني مع سلطات الإحتلال.
ورقتان بيد السلطة الفلسطينية
المحلل السياسي محمد القيق يرى أنّه “لا توجد بيد السلطة سوى ورقتَيْن سيكون مقتلها فيهما إذا لوحت بهما، وهما وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال والذهاب لوحدة وطنية مبنية على أساس الانتخابات والديمقراطية والنزاهة في خندق واحد هو المقاومة، وأن غير ذلك سيكون عبارة عن شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع”، إلا أنّه يعتبر أنّ “السلطة لن تجرؤ على وقف التنسيق الأمني، نظراً لأنّه مرهون باعتبارات دولية سياسية ومادية، وتحديداً البرنامج الأمني الأميركي، وأن اللعب في هذه الورقة سيكون مفصلياً وخطيراً إذا ما ذهبت إليه السلطة”.
ويشير القيق إلى أنّ “المحور الثاني وهو الرجوع إلى حالة الوحدة الوطنية وحفظ خيار المقاومة بكل أشكالها، ليس من السهل أن يتمّ اتخاذ هذا القرار من قبل السلطة بالوضع الراهن، لما تمر به من ركود سياسي وتشققات داخلية في حركة فتح وعدم وضوح أجندة للمسار القادم”.
ويلفت إلى أنّه “إن لم تستخدم السلطة هاتين الورقتين المتلازمتين، فلن يكون هناك رادع للأميركيين والإسرائيليين من الاستمرار، بالمنهجية القاضية على حل الدولتين، والإبقاء على يهودية الدولة وضمّ الضفة وفكرة الوطن البديل”.
وعلى صعيد آخر، يرى أنّ “السلطة قد تستهلك بعضاً من الأوراق الضعيفة وهي ضغوطات إقليمية على الولايات المتحدة، كما كان يحدث في العقود الماضية، فعلى سبيل المثال حين أعلنت إسرائيل قبل سنوات عن مشروع “إي 1” القاضي بضم مستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة على أراضي شرق القدس ما يقسّم الضفة لقسمَيْن، تم تأجيل القرار نتيجة ضغوطات إقليمية على الأميركيين والإسرائيليين”.
ويضيف: “إعادة استخدام هذه الضغوطات لن يكون مجدياً الآن نظراً لحالة الانفصام السياسي بين القيادات الإقليمية والشعوب، فحالة مصر ركيكة جدا والأردن مستهدف ولن يكون في نقطة قوة وكذلك هناك حالة التشرذم في لبنان وسوريا وحالة الانشداد الخليجي لقضية ليبيا وملف إيران، لتصبح المعادلة “استفراداً” بمعنى الكلمة، وهذا لا يمكن لجمه إلا بما ذكرناه من ورقتين متلازمتين”.
تكامل المواقف
ويؤكد المحللون، بحسب التقرير، أنّ الفلسطينيين “يعولون كثيراً على موقفهم الشعبي الرافض للصفقة والذي يأملون أن يكون مدعوماً بالموقف الرسمي المتناغم مع هذا الرفض بعيداً عن الاكتفاء بالتصريحات والشعارات”.
وفي هذا الصدد، يعتبر منسق “القوى الوطنية في الضفة المحتلة” الناشط عصام بكر أنّ “الرد الشعبي على إعلان صفقة القرن والحراك الشعبي الواسع هو تعبير عن رفض الفلسطينيين لهذه الصفقة والتمسك بحقوقهم؛ والتي تتمثل بحق العودة إلى الأراضي المحتلة والاستقلال وتقرير المصير”، مؤكّداً أنّ “المشاريع السابقة لم تستطع أن تجعل الشعب الفلسطيني يسقط حقوقه الوطنية”، مبيناً أنّ “الشعب بإمكانه أن يفشل الصفقة المشؤومة عن طريق وحدة الرد في الضفة وقطاع غزة والقدس والداخل المحتل والشتات؛ بشكل موحد وجماهيري واسع وعبر مسيرات عارمة من شأنها أن تعطي ردا قويا باتجاه مناهضة وعدم قبول التعاطي بأي حال مع صفقة تسقط المشروع الوطني وتجهض الأحلام الوطنية الفلسطينية”.
ويتابع: “هناك شراكة في المواقف بين حكومة ترامب وحكومة نتنياهو والقاسم المشترك بينهما هو تصفية حقوق شعبنا، ولكنه دائماً صاحب باعٍ طويل وتجربة بهذا المجال ولن يقبل أن يتم القفز على حقوقه الأساسية ومصيره”.
أما عن الدور الرسمي المطلوب لمواجهة الصفقة وتحديداً من السلطة الفلسطينية، فيرى بكر أنّه “يجب أن يتكامل مع الموقف الشعبي، وألا يقتصر على مواقف وتصريحات خجولة”.
ويوضح أن “جميع أطر وهيئات ومكونات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الرسمية والحكومة يجب أن تعبر عن إرادة حقيقية وتبلور موقفها العملي بخطوات واضحة؛ ومن أبرزها تعزيز صمود الفلسطينيين على الأرض وإلغاء التصنيفات للمناطق (“أ” و”ب” و”ج”) والتحلل من اتفاقية أوسلو وتبعاتها.
ويتابع: “الإرادة السياسية القوية التي من الممكن أن تتخذها القيادة الفلسطينية من شأنها أن تعطي دافعية أكبر تجاه المواجهة؛ وأن تعطي رسالة واضحة بأن الشعب والقيادة في خندق واحد”.
وحذّر بكر من اقتصار الموقف الرسمي على مواقف خجولة لا ترتقي لمستوى إعلان الصفقة التي ستغير الواقع الفلسطيني، لأنّ من شأنه أن يضعف الحالة الجماهيرية الشعبية والرسمية، فالمطلوب من الكل أن يكون على مستوى التحدي؛ على حد قوله.
ويشير الناشط إلى أنّ خطوات عديدة سبقت خطوة الإعلان عن “صفقة القرن” مثل سياسة الضم للأراضي الفلسطينية وإعلان القدس عاصمة يهودية أبدية لدولة الاحتلال وتصفية دور الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين “الأنروا” وتجفيف الدعم للسلطة الفلسطينية.
ويعتبر بناء على ذلك بأنّ الصفقة لم تبدأ من اليوم بل هي موجودة على الأرض منذ سنوات والإعلان عنها لا يحمل جديدا إلا الإصرار على تقويض الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
ويقول إنّ “الاحتلال قام كذلك بعدة خطوات استباقية للإعلان عن صفقة القرن مثل بيع وهم السلام الاقتصادي المزعوم من خلال إنعاش بعض المشاريع وفتح أبواب التطبيع واسعة لتصبح “إسرائيل” دولة طبيعية في المنطقة”، مؤكداً أنّ “تكامل الموقف الرافض للصفقة رسمياً وشعبياً من شأنه أن يعطي فعالية أعلى لاستمرار الفعاليات الشعبية التي لا تقتصر على عدة أيام بل حتى إسقاط الصفقة”.

“#تسقط_صفقة_القرن”
وأثار إعلان ترامب، عرض خطّته المعروفة بـ”صفقة القرن” غضباً ورفضاً جماهيرياً فلسطينياً وعربياً واسعاً لهذه الصفقة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأطلق نشطاء حملة تحت هاشتاغ “#تسقط_صفقة_القرن” للتعبير عن رفضهم الكبير للخطة الأميركية، حيث تصدر الوسم مواقع التواصل الاجتماعي، مشدّدين على أنّ “فلسطين ليست للبيع”.

وغرّد الصحافي الفلسطيني فايد أبو شمالة، على “تويتر”: “سنعود ألف مستحيل، وسنبقى نحمي أسوارنا وقلاعنا، ليس منّا من يبيع أو يفرط، وليس فينا من يجبن أو ينكسر”.
وتابع: “نحن قدر الله في أرضه المباركة نحمي أقصانا ومسرانا والقيامة والمهد بصلابة وصمود، نحن شعب يعرف ما يريد ويعرف أن الفجر آت ولا مكان للجبناء في عالم يحكمه الذئاب”.
من جهته، نوّه الناشط رجب النقيب من سكان غزة في تغريدة له على “تويتر”، إلى أنّ “ملابسات صفقة القرن ما زالَت تراود نتنياهو وترامب كآخر أوراقهما السياسية بعد سجل من الإخفاقات ضيقت عليهما الخناق الانتخابي”.
وأضاف: “شعب أخذ على عاتقه تحرير أرضه ومقدساته لا ينتظر اعترافا أو صفقات من هنا أو هناك ليثبت حقه بالأرض المسلوبة المغتصبة، الطريق إلى القدس وفلسطين رُسم بالدم والتضحيات على مدار عقود وستستمر التضحيات حتى تحرير كامل الأرض بإذن الله”.
ولفت الإعلامي بلال إسماعيل، إلى أنه “لم يبق من هذه الصفقة سوى صورة يسعى إليها الحليفانِ المتخبطانِ داخل إدارتيهما يوم الثلاثاء في البيت الأبيض، ومحاولة تحقيق ما سماه نتنياهو إنجازا تاريخيا يكون فيه حلفاؤه العرب في صدارة المصفقين والمروجين والمتكفلين بالتكاليف والأثمان”.
ونشر العديد من النشطاء ملصقات وشعارات تؤكّد أنّ “فلسطين ليست للبيع”، ونوه الناشط “محمد اربيع”، في صفحته على “فيسبوك”، إلى أهمية إصدار قرارين “الأول؛ قرار سياسي جريء من رام الله (السلطة)، والثاني، من غرفة العمليات المشتركة من غزة (المقاومة)، وغير هيك كلام للاستهلاك المحلي”، وذلك من أجل إسقاط “صفقة القرن”.

المصدر: عربي 21