الرئيسية / سياسة / التعسّف المصرفي ولغم الكهرباء قبل البيان وبعده‎!‎ ‎ ‎

التعسّف المصرفي ولغم الكهرباء قبل البيان وبعده‎!‎ ‎ ‎

مجلة وفاء wafaamagazine 

 اذا كانت الحكومة نامت على حرير التعديلات الشكلية التي ادخلتها على مسودة البيان الوزاري الذي أقرته اللجنة ‏الوزارية المكلفة صياغته مساء أمس تمهيداً لاقراره في جلسة لمجلس الوزراء الخميس، فان الوقائع الدامغة تثبت ‏ان عملية تجميل البيان وترشيقه وضبضبته لفظيا بعض الشيء لن تقي الحكومة سهام السخط المتصاعد بقوة حيال ‏الواقع المأزوم على كل الصعد وخصوصاً حيال الاجراءات المتشددة بل التعسفية التي تتخذها المصارف في ‏فرضها مزيداً من القيود على عمليات السحب بالدولار وتقنينها‎.‎
‎ ‎
والواقع ان مطلع الشهر لم يشكل موعد بت ايجابي للبيان الوزاري كما شاءته الحكومة من خلال تسريب النسخة ‏ما قبل النهائية، بل جاءت تداعيات التسريب والاصداء في معظمها سلبية أولاً، ومن ثم طغت التدابير والاجراءات ‏البالغة التشدد الاضافية التي اتخذها عدد من المصارف الكبيرة في عمليات السحب وخفض سقوفها الى النصف ‏و”تقسيط” مهلها مرتين في الشهر لتطغى على مجمل المشهد المأزوم، خصوصاً ان تناقضات فجة للغاية واكبت ‏هذا المشهد بين حكومة تطلق وعوداً بتخفيف القيود المصرفية وتسهيلها على المودعين ومصارف تسارع في ‏السانحة الأولى الى ممارسة الاستنسابية في تقييد عمليات السحب بالدولار. ولعل النقطة الاكثر اثارة للسخط تتمثل ‏في ان المصارف لم تراع ضرورة “تمديد” فرصة السماح لاجراءاتها الصارمة والقاسية أساساً كما لم تنتظر ‏انتهاء المشاورات الجارية بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في شأن الاجراءات التي ضمنها ‏مسودة تعميم ارسله قبل اكثر من اسبوع الى رئيس الوزراء حسان دياب ووزير المال غازي وزني يتعلق بتوحيد ‏الاجراءات والمعايير في المعاملات المصرفية وعمليات السحب ومعدلاتها كما بالاجراءات اللازمة لحماية ‏المصارف من الدعاوى القضائية‎.‎
‎ ‎
والغريب في الامر ان هذا الشق الحيوي والخطير من أزمة السيولة وأزمة العلاقات بين المصارف والمودعين كان ‏محور الاجتماع المالي الذي عقده أمس في السرايا الرئيس دياب مع الوزراء المعنيين وسلامة، وقت كانت ‏الاجراءات المتشددة الجديدة قد شقت طريقها الى التنفيذ مثيرة موجة غضب عارمة‎.‎
‎ ‎
وقد خفّضت مصارف عدّة سقف السحوبات بالدولار بنسبة 50 في المئة بدءاً من مطلع الشهر الجاري، كما تبلغ ‏مودعون الإثنين، في اجراء جديد على خلفية شح الدولار وأزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود‎.‎
‎ ‎
وشدّدت المصارف منذ نهاية الصيف القيود التي تفرضها على عمليات السحب، خصوصاً بالدولار، والتحويلات ‏إلى الخارج، ما زاد غضب المودعين الذين باتوا ينتظرون ساعات من أجل سحب مبلغ محدود، بينما بالكاد يلامس ‏سقف السحب الشهري الألف دولار‎.‎
‎ ‎
وأكدت ثلاثة مصارف على الأقل، تعدّ من الأبرز في لبنان، رداً على أسئلة “وكالة الصحافة الفرنسية”، أنها ‏خفّضت سقف السحوبات الشهري منذ مطلع الشهر بنسبة 50 في المئة‎.‎
‎ ‎
وبات السقف المسموح به في عدد من المصارف لا يتخطى 600 دولار من الودائع التي تقلّ عن 100 ألف دولار، ‏أما من تتخطى قيمة حسابه المليون دولار فيمكنه سحب مبلغ يراوح بين ألفين وثلاثة آلاف دولار شهرياً بحسب ‏المصرف‎.‎
‎ ‎
ونشر مودعون على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي صور الرسائل التي تلقوها من مصارفهم، معربين ‏عن امتعاضهم منها، وقت تغرق البلاد في أزمة اقتصادية تعدّ الأسوأ في تاريخها خسر معها عشرات الآلاف من ‏اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم‎.‎
‎ ‎
اما الاسوأ في هذا السياق، فتمثل في ان رزمة الاجراءات المتشددة الجديدة جاءت عقب اطلاق رئيس جمعية ‏مصارف لبنان سليم صفير تصريحات كرر فيها “طمأنة المودعين الى ان ودائعهم محفوظة” قائلاً: “هدفنا الأول ‏أن ندافع عن مصالح المودِع”. واكد أنه “لم يكن هناك يوماً مخاوف على المصارف في لبنان، كونها مؤتمنة على ‏ثقة المودِعين بها، ونحن والمودِعون هدفنا الوطن ومساعدته، ونحن واحد”. وقال أن “السيولة موجودة، ولم يتغيّر ‏شيء بالنسبة إلينا، إلا أننا نمرّ منذ ثلاثة أو أربعة أشهر في فترة صعبة تشهد تراجعاً في الثقة، ونحن قادرون ‏حالياً على تحمّل صعوبة المرحلة لكن نتمنى أن تنتهي في أسرع وقت ممكن‎”.‎
‎ ‎
استحقاق “الاوروبوندز‎”‎
‎ ‎
وفي موازاة هذا الملف الخطير، أبلغت مصادر مطلعة على اجواء المشاورات المالية “النهار” ان موضوع ‏استحقاقات “الاوروبوندز” لسنة 2020 والبالغة قيمتها 2,3 ملياري دولار كأول استحقاق لها في آذار المقبل بقيمة ‏مليار و200 مليون دولار تتقدم الاهتمامات الحكومية وأن التأخير في بت هذا الموضوع واتخاذ القرار في شأنه ‏يعود الى عدم توصل الافرقاء المعنيين في الحكومة الى التوافق على الخيار الواجب اعتماده. وعلم ان هناك ‏خيارين يتنازعان أهل السلطة، وتحديداً فريق رئيس الجمهورية وفريق رئيس الوزراء ، اذ يرى الفريق الاول ‏اعتماد خيار عدم دفع استحقاقات الدين المصدرة بسندات، والذهاب الى عملية اعادة هيكلته من خلال خطة منظمة، ‏واللجوء الى صندوق النقد الدولي طلبا لبرنامج. أما الفريق الثاني، فيرى بأن يدفع المصرف المركزي استحقاقات ‏‏2020 من احتياطه بالعملات الاجنبية، على ان يطلب من المصارف الاكتتاب بسندات جديدة تصدرها وزارة ‏المال من فارق الاموال التي سددها لها، باعتبار ان هناك نحو 1,3 مليار دولار تستحق لحملة سندات اجانب. ‏وتعكف الاجتماعات المالية المتتالية على درس هذه الايجابيات والسلبيات من أجل ان يأتي القرار بأقل الاضرار ‏الممكنة على المالية العامة وعلى سمعة لبنان المالية‎.‎
‎ ‎
أما في ما يتعلق بالبيان الوزاري، فصرحت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد نجد بعد اجتماع طويل للجنة صياغته ‏أمس بأنه “تم تحديد الخميس موعداً لانعقاد مجلس الوزراء بهدف إقرار البيان بصيغته النهائية وإحالته على ‏مجلس النواب لنيل الثقة‎”.‎
‎ ‎
وقالت: “لا نتبنى أي مسودة تم تسريبها، ومسار البيان هو التركيز على القضايا المعيشية والاقتصادية والمالية ‏الضاغطة التي تشكل هاجساً عند المواطن، وهذا كان فحوى مناقشات اللجنة‎”.‎
‎ ‎
واوضحت انه “لا يوجد أي تعديل ضريبي ولكن هناك اصلاحات ضريبية ونقدية‎”.‎
‎ ‎
وأضافت: “نطرح أفكارنا بكل جدية، ولدينا إيمان بضرورة تطبيقها، والخيار يعود الى مجلس النواب بإعطاء ‏الثقة‎”.‎
‎ ‎
وقال وزير الصناعة عماد حب الله إن “ما سرّب من مسودّة للبيان الوزاري يختلف عما تم الاتفاق عليه‎”.‎
‎ ‎
وقال وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية انه وضعت بعض اللمسات على البيان الوزاري، وان ‏الفقرة السياسية لم تتغير والتعديلات ليست جوهرية، كاشفاً أن “الاجراءات الضريبية والرقابية ستطال من كان ‏يعفى ويتهرب من الضرائب‎”.‎
‎ ‎
لغم الكهرباء
‎ ‎
الى ذلك، علمت “النهار” ان أكثر من أبدى ابدوا ملاحظات على خطة الكهرباء الواردة في البيان الوزاري ‏معتبرين انها الخطة التي وضعها الوزير السابق جبران باسيل. وأعلن وزراء خلال مناقشات لجنة البيان الوزاري ‏انهم يعارضون هذه الخطة خصوصا انه سبق لفرنسا راعية مؤتمر “سيدر” ان حذرت مرات عدة من ان عدم ‏تحقيق اصلاحات حقيقية في قطاع الكهرباء سيهدد مقررات “سيدر”. وتشير جهات معارضة للحكومة في هذا ‏الصدد الى ان البيان الوزاري يتضمن نقاطا ذكية، ولكن موضوع الكهرباء يشكل احد الالغام الاساسية فيه

 

النهار