الرئيسية / سياسة / الجمهورية: لبنان يرفض السقف الزمني للتفاوض وبرِّي يدعو الى حال طوارئ

الجمهورية: لبنان يرفض السقف الزمني للتفاوض وبرِّي يدعو الى حال طوارئ

الأربعاء 29 أيار 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

فيما سلكت الموازنة العامة للدولة طريقها الى مجلس النواب، خطفت الاضواء أمس عودة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد الى لبنان ناقلاً الرد الاسرائيلي على المقترحات اللبنانية في شأن ترسيم الحدود البحرية والبرية والمفاوضات في شأنها. وعلمت «الجمهورية» انّ مكان هذه المفاوضات محدّد في مقر الامم المتحدة في الناقورة «بضيافتها ورعايتها وتحت علمها» بمشاركة الوسيط الاميركي وحضور الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وانّ الوفد اللبناني سيكون عسكرياً مغطّى سياسياً، في حال انتهت المفاوضات الى اتفاق يوقعه جميع الاطراف.

فقد عاد ساترفيلد الى بيروت أمس، ونقل الرد الاسرائيلي على المقترحات اللبنانية، وكان له لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اشار الى «انّ الامور ما زالت تسير في المنحى الايجابي، لكن لا حسم حتى الآن».

وإذ اشار بري الى انّ ساترفيلد نقل موافقة اسرائيلية على الترسيم المتوازن في وقت واحد بين البر والبحر (مزارع شبعا خارج هذا الترسيم لارتباطها بالقرار 1701). قال: «انّ هناك اموراً ما تزال في حاجة الى بحث وتدقيق، وننتظر ان يأتي المسؤول الاميركي بالرد الاسرائيلي عليها».

وعن ماهية النقاط العالقة، قال بري: «انّ الاسرائيليين يطرحون وضع سقف زمني للمفاوضات مداه 6 أشهر، امّا موقف لبنان، فهو رفض تحديد أي سقف زمني للمفاوضات، بل إبقاؤها مفاوضات مفتوحة حتى التوصل الى اتفاق. ومَرد الرفض اللبناني لربط المفاوضات بسقف زمني لها، هو الخشية من ان تعمد إسرائيل الى المماطلة وتضييع الوقت خلال فترة الستة أشهر».

وقالت مصادر حكومية لـ»الجمهورية» انّ ساترفيلد أبلغ الى لبنان أنّه متفائل، وانّ هناك تقدّماً في تثبيت المفاوضات لكنّه حتى الساعة لم يصل الى نتيجة نهائية، وعندما يصل اليها فإنه سيبلِغها الى لبنان. واضافت هذه المصادر أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي أبلغ لبنان أنّ الولايات المتحدة لا تريد من الإيرانيين إساءة فهم أو عدم تقدير مدى تصميمها إذا أخطأت إيران. ونبّه ساترفيلد المسؤولين اللبنانيين الى ضرورة الانتباه الى بلدهم وعدم السماح لأيّ طرف من استخدامه رسائل لمصالح خاصة.

في الخارجية
من جهتها، قالت مصادر الخارجية لـ»الجمهورية» انّ ساترفيلد أبلغ الى وزير الخارجية جبران باسيل أنه حمل وجهة نظر لبنان الى إسرائيل، وأنّ الأخيرة وافقت على رؤية لبنان لمسار الترسيمين الحدوديين البحري والبرّي معاً. وتوقعت المصادر إمكانية انطلاق المفاوضات خلال أسبوعين، مشيرة الى أنّ ما يُرتّب في مسألة المفاوضات يتعلق بجدول أعمال هذه المفاوضات ودور الأمم المتحدة فيها وعلى أي مستوى ستتمثّل. وأفادت المصادر نفسها أنّ أجواء اللقاء بين باسيل وساترفيلد «كانت أكثر من إيجابية، وأنّ الرؤية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية في رسالته سائرة كما هي».

الموازنة
وعلى جبهة مشروع موازنة 2019 التي تسلّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري مُحالة من مجلس الوزراء أمس، علمت «الجمهورية» انّ لجنة المال والموازنة ستبدأ اولى جلساتها لدرس هذا المشروع اعتباراً من الاثنين المقبل، على ان تليها جلسات متتالية بعد عطلة عيد الفطر، وقد تسلّم بري 30 نسخة ورقية من المشروع بالصيغة التي أقرّها مجلس الوزراء.

جلسات متتالية
وعلمت «الجمهورية» انّ لجنة المال النيابية كانت قد فضّلت ان تبدأ جلساتها بعد عيد الفطر، إلّا أنّ رئيس المجلس أصرّ على بدء النقاش قبل العيد في خطوة تعكس الاصرار على الاسراع في إقرار الموازنة، على أن تُعقد بعد العيد جلسات متتالية للجنة المال بمعدل جلسة او جلستين يومياً نهاراً ومساءً.

بري وحال الطوارىء
وأعرب بري عن ارتياحه الى إقرار الموازنة بالنحو الذي انتهت اليه، ووصف خفض العجز الى 7,59 في المئة بأنه «إنجاز يُبنى عليه». واشار الى انه بعد «إقرار الموازنة التي شغلنا النقاش فيها عن القضايا الملحّة التي كنّا في صددها، يجب على الحكومة ان تنتقل الى المعالجات، ما يفرض عليها ان تبادر الى اعلان حالة طوارئ لتتابع المسار الذي كان معتمداً في اتجاه مكافحة الفساد واصلاح الادارة وإتمام سائر الملفات كملف الكهرباء، لجهة التعجيل في الخطة التي وضعت وحسم موضوع النفايات وإجراء التعيينات في المراكز الشاغرة والتفعيل الاداري والرقابي، إضافة الى بَت موضوع العفو العام».

ورداً على سؤال، قال بري: «خرجت الموازنة في الشكل الذي كنّا نقوله منذ البداية، حيث انها لم تطل الفئات المتوسطة أو الشعبية. مع الأسف لم يصدقوا ذلك، وواكبوا الموازنة بمزايدات وما الى ذلك». واشار الى انّ مجلس النواب مع فتح الدورة الاستثنائية «سيتحول ورشة عمل مواكبة لأداء الحكومة»، ولفتَ الى أنه على وعده بعقد جلسات محاسبة شهرياً اذا اقتضى الامر.

قراءات في الموازنة
وفي سياق القراءات الاقتصادية لمشروع الموازنة والإجراءات الضريبية التي يحتوي عليها، اعتبر رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر انّ موازنة 2019 هي موازنة تلبية الشروط والممكن من أجل تجنيب لبنان الانهيار. ورحّب ضاهر، عبر «الجمهورية»، بـ»ترشيد الإنفاق ومحاربة ظواهر التبذير من حيث المخصصات والإعانات والمساعدات، ما يعني انّ الحكومة بذلت جهداً لخفض الإنفاق وزيادة الواردات ومحاربة ظاهرة التهرّب الضريبي، وقد بَدا ذلك واضحاً من خلال تدابير عدة اتخذتها».

بيروتي
من جهته، قال نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية والأمين العام لاتّحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي لـ»الجمهورية»: «إنّ فرض رسم مقابل إشغال غرفة في فندق أو شقة مفروشة جاء بناءً على اقتراح وزير السياحة، بعد خفض موازنة وزارته بغية تكوين موازنة للتسويق السياحي والفندقي».
وأشار الى انه «في حال لم تُستخدم الأموال المرصودة نتيجة هذا الرسم، من اجل التسويق فعلاً، فإنّ مردودها سيكون عكسيّاً على القطاع السياحي». واعتبر انّه «من الأجدى لو انّ هذه الإيرادات تتمّ جبايتها مباشرة بواسطة المجلس التسويقي الذي سيتمّ إنشاؤه في وزارة السياحة وليس بواسطة وزارة المال». ولفت الى «انّ نسبة الإشغال في الفنادق الواقعة خارج بيروت متدنّية جدّاً، وبالتالي كان يتوجّب على الدولة إعطاء حوافز للمؤسسات السياحية خارج العاصمة بغية دعمها وتحفيز السيّاح على اختيارها، لأنّ اسعارها أقلّ من نظيراتها في بيروت».

وزني
بدوره، توقف الخبير الاقتصادي غازي وزني عند رفع الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة كافة المفتوحة لدى المصارف، بما فيها حسابات التوفير وفوائد وعائدات الودائع وغيرها من 7 إلى 10%. فقال لـ»الجمهورية»: «انّ هذا الإجراء ايجابيّ لأنه سيرفع ايرادات الخزينة بقيمة 500 مليون دولار، وهي ايرادات مضمونة». وفيما اشار الى انّ هذه الضريبة تطاول المصارف والمودعين، قال: «بالنسبة الى المودعين، إنّ الفوائد على الودائع ارتفعت في عام بنسبة 2 في المئة على الدولار و4 في المئة على الليرة اللبنانية، وبالتالي فإنّ هذه الضريبة ستكلّف صاحب وديعة بقيمة 100 الف دولار، 20 دولاراً شهرياً، ووديعة 50 ألف دولار 10 دولارات شهرياً». ورأى «انّ هذه الضريبة لن تؤدي في نهاية المطاف الى خروج الودائع او عدم مجيئها الى لبنان، لأنّ الفوائد على الودائع في لبنان هي الأعلى في المنطقة».

تحفُّظ «القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انّ أسباب تحفظها عن بعض مواد الموازنة ليست شكلية أو لمجرد تسجيل موقف على غرار قوى سياسية أخرى، إنما يستند تحفظها إلى معطيات فعلية حول الأرقام العامة للموازنة ونسبة العجز، حيث لم يتحقق الهدف المطلوب لاسيما لجهة النقاط التي طرحتها «القوات» سابقاً، ومن أبرزها: زيادة تحويلات مرفأ بيروت إلى الخزينة، وزيادة تحويلات قطاع الاتصالات إلى الخزينة، وزيادة التحصيل الجمركي والضريبي على الأملاك البحرية، وتخفيض تخفيض اضافي في النفقات (من الصناديق المتعددة) يمكن أن توزّع على مبالغ معقولة لتصل الى مجموع يخفض العجز الى 7.5%.

واشارت المصادر الى تحفظ حول توقعات النمو التي تبنى عليها قيمة العجز، مع تأكيد التزام مجلس الوزراء لتحقيق أرقام الموازنة بالفترة الوجيزة المتبقية لجهة تطبيق مرحلة 2019 خطة الكهرباء والالتزام بما تمّ إقراره في مجلس النواب من ناحية المهل والنتائج. وطالب وزراء «القوات» مجلس الوزراء بأن يتعهّد خطياً وفورياً بضبط المعابر غير الشرعية من قبل الجيش، والتعاقد مع شركات تدقيق للمستوعبات من المصدر، والتعاقد مع الشركات لتركيب وادارة كاشف على المستوعبات في المرافق الشرعية، ووضع اجراءات لتحصيل أكبر للرسوم على الأملاك البحرية، ومراجعة قانونية للالتزام والتهرب الضريبي وإحالتهما الى مجلس النواب خلال أسبوعين، وعدم تجديد عقود العمل التي أبرمت بعد إقرار قانون السلسلة التي تبرّر بأسباب طارئة وضرورية.

وشددت «القوات» على ضرورة إقرار إصلاحات بنيوية كبرى تبدأ مع اقرار الموازنة، وفي طليعتها: التزام الحكومة بدرس وضع كافة المؤسسات العامة والهيئات واللجان بهدف إشراك بعضها واقفال البعض الآخر وتعيين مجالس ادارات في البعض الثالث، والشروع في العمل على اشراك القطاع الخاص في الاتصالات وتحريره للمنافسة كما نص عليه البيان الوزاري، والشروع في إشراك القطاع الخاص في ادارة مرفأ بيروت.

ترحيب فرنسي
ورحّبت سفارة فرنسا في لبنان، في بيان أمس، بموافقة مجلس الوزراء على الموازنة، ووجدت في هذه الخطوة «مؤشراً إيجابياً الى تنفيذ لبنان الالتزامات التي اتخذها خلال مؤتمر «سيدر». وقالت: «لن تصبح الموازنة نهائية قبل أن يعتمدها مجلس النواب. نأمل أن يتم هذا الاعتماد في أسرع وقت ممكن».
وأضافت: «تبقى فرنسا إلى جانب لبنان، تشارك كلياً في تنفيذ مقررات مؤتمر CEDRE، التي من شأنها أن تمكّن لبنان من تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمواجهة تحديات الغد، وخصوصاً في ما يتعلق بالحَوكمة. ويتطلّب التنفيذ الفاعل لـمؤتمر CEDRE وضع آلية مراقبة صلبة وشفافة نأمل بشدة أن يبدأ العمل بها قريباً».

موازنة 2020
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ وزير المال علي حسن خليل وجّه مراسلات الى الوزارات في شأن إعداد موازنة سنة 2020 التي يفترض ان تُعدَ ابتداء من الشهر المقبل. وقال خليل لـ»الجمهورية» انه بناء على الخفض الذي بلغه العجز في موازنة 2019، يؤمَل بطبيعة الحال أن نصل الى عجز أقل».

المصدر: الجمهورية