مجلة وفاء wafaamagazine
في حديث مع د. ريما نقاش، أستاذة محاضرة في تعزيز الصحة وإدارة صحة المجتمع في كلية العلوم الصحية في الـAUB، وعضو في مجموعة البحث للحدّ من التدخين، تناولت “الجمهورية” مسألة الأرجيلة التي تعتمد عليها كثير من المطاعم، حتى أنّها أصبحت سمة للمجتمع اللبناني، في المقاهي وحتى في المنزل. فما مستقبل الأرجيلة بعد انتشار وباء كورونا المستجد؟
ما هو مستقبل الأرجيلة؟
استهلت د. نقاش الحديث، مشيرة إلى أنّه “بحسب آخر الدراسات الاستقصائية المتوفرة، تصل نسبة الرجال الذين يدخنون السجائر إلى 48 %، ونسبة النساء 22 %. أما بالنسبة للأرجيلة، فنسبة النساء اللبنانيات اللواتي يدخنّ “الشيشة” أعلى من نسبة الرجال (حوالى 46 %)، وهي النسبة الأعلى في الشرق الأوسط”!
وتابعت د. ريما: “تماماً ككورونا المستجد، إنّ التبغ وباء نعرف عنه منذ فترة طويلة، وأشرّه الأرجيلة. في مجتمعنا، أصبح تدخين الأرجيلة نشاطاً اجتماعياً يشابه احتساء القهوة، نمارسه حتى داخل المنازل، حيث يتضرّر، ليس فقط جميع الموجودين، بل الفئة الأكثر ضعفاً وتضرّراً كالأولاد والمسنين والحوامل. فضلاً عن ذلك، تسود الكثير من المعتقدات الخاطئة في بلدنا، فنسمع البعض يقول إنّ الأرجيلة أقل ضرراً من السيجارة، وإنّ مياه الأرجيلة تنظف الدخان قبل وصوله إلى الرئة، وكلها طبعاً بعيدة من الواقع”.
ما صلة الأرجيلة بفيروس كورونا؟
بحسب د. نقاش، “إنّ جهاز المدخن التنفسي ومناعته في حالة سيئة بسبب التدخين. إذاً، يأتي الفيروس إلى جسم ضعيف، ما يضع المدخن في خطر أكبر. في الحقيقة، قدرة جسم المدخن على محاربة الفيروس أضعف من غير المدخن، وقد أظهرت الدراسات العلمية أنّ ذلك يرفع من خطورة مضاعفات الإصابة، أي احتمال حاجة المريض إلى جهاز تنفس اصطناعي وإلى العناية المركّزة، أو حتى احتمال وفاته، يرتفع. وثمة طرق واضحة ومعروفة للحماية من أضرار التبغ والتدخين، وهي الامتناع عن التدخين كلياً. ونحن كمختصين في هذا المجال، نشدّد دائماً على أهمية التوقف عن التدخين، ولكن اليوم أكثر من أي وقت مضى، المسألة أكثر إلحاحاً.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد عملية التدخين بذاتها في انتشار الفيروس. فالحركات التي يقوم بها المدخن أثناء تدخين سيجارة أو أرجيلة معاكسة تماماً لتوصيات الوقاية من الفيروس، وأبرزها عدم لمس الوجه. كما يمكن أن تحمل الأرجيلة الفيروس في الأنبوب أو المياه أو غيرها”. ولفتت د. نقاش إلى خطر الأرجيلة “في المنزل أيضاً، ولا سيما عند مشاركتها مع العم والجدة أو حتى الزوج والأخ… فقد ينقل أحد المدخنين الفيروس من دون أي عوارض ظاهرة”.
وأشارت د. ريما إلى أنّ أول التنبيهات التي رافقت فتح أبواب المطاعم، تمحورت حول أهمية منع الأرجيلة فيها.
الدولة برهنت قدرتها على التنفيذ
قالت د. نقاش: “عند صدور القانون الذي يمنع التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، تمّت محاربته من قِبل جهات لتضارب المصالح المادية. ولم تكن الجهات الرسمية حازمة بما فيه الكفاية، ولكن مع انتشار فيروس كورونا، أظهرت الدولة إمكانية التنسيق ما بين وزاراتها بهدف تطبيق القوانين والإجراءات. إذاً، يمكننا استخلاص نجاح دولتنا من هذه الأزمة، والتفكير في الصحة العامة. الفيروس منتشر الآن وهو مؤقت، وقد نجد لقاحاً له. ولكن وباء التدخين باق، وضرره على الصحة العامة باق، وثقله على الاقتصاد باق. علينا إذاً محاربته، على الأقل من خلال تطبيق القوانين.
وإنّ فيروس “كوفيد-19″ لن يختفي قبل سنوات بحسب الخبراء، لذا علينا التأقلم والتكيّف مع وجوده. ومن الضروري أن يكون منع الأرجيلة في الأماكن العامة جزءاً من هذا التأقلم. ونحن لسنا الدولة الوحيدة التي تنظر في الحفاظ على هذا القرار على الأمد البعيد”.
وختمت د. نقاش مسلطة الضوء على ضرورة “اختلاف وضع التدخين بعيد انتهاء أزمة كورونا عمّا كان عليه سابقاً. نحن نعلم أنّ التدخين إدمان، وليس من السهل التوقف عنه، ولا سيما الأرجيلة. لذا دور الاختصاصيين في هذا الموضوع هو التوعية أولاً بالطبع، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي. إذاً من واجبنا ثانياً، تأمين البيئة المساعدة، والسياسات التي تسهّل على المدخن التوقف عن التدخين، والتي لا تشجّع غير المدخّن على اكتساب هذه العادة”.
وأعادت د. ريما التشديد على “أهمية دور الحكومة حالياً في إبقاء السيطرة على موضوع التدخين في الأماكن العامة. لنستفِد من الوضع السيئ الراهن ونحوّله إلى وضع إيجابي، ولنحارب وباء التدخين ووباء كورونا معاً”.
الجمهورية