الرئيسية / سياسة / الراعي: لا يستطيع السياسيون البقاء “أسرى مصالحهم ورؤيتهم العتيقة وعداواتهم”

الراعي: لا يستطيع السياسيون البقاء “أسرى مصالحهم ورؤيتهم العتيقة وعداواتهم”

مجلة وفاء wafaamagazine 

أكد البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي أنه “عندما تصبح المحبَّة “ثقافة شعب”، تضحي بالنَّتيجة “حضارة وطن” وروحَه التي تنعش العلاقات بين أبنائه، وبخاصّة بين المسؤولين والشَّعب. وباتت شريعة الحوار والتَّوافق طريقًا إلى حلّ المشاكل الطَّارئة. فلو اعتُمدت مثلاً هذه الشَّريعة بين السُّلطة والمدرسة الخاصَّة من جهة، قبل إصدار القانون 46/17، وبين هذه وهيئة الأساتذة ولجان الأهل من جهة ثانية، لما وصلت المدارس الخاصَّة، ولا سيَّما تلك الكاثوليكيَّة، إلى هاوية الإقفال، مع ما يرتّب ذلك من تهديدٍ للمنظومة التَّربويَّة في لبنان، وللخسارة المتوقَّعة في نشر التَّربية والتَّعليم حتَّى في المناطق اللُّبنانيَّة النَّائية”.

 

ولفت الراعي خلال عظة يوم الاحد، إلى أنَّ “حضارة المحبَّة كانت في أساس الكيان اللُّبنانيّ الذي أرساه المؤسِّسون على ميثاق العيش معًا بالتَّنوُّع الدِّينيّ والثَّقافيّ، ضمن وحدة وطنيَّة يشارك في بنائها كلُّ مكوّنات مجتمعنا. فكان نظامنا السِّياسيّ ديموقراطيًّا منفتحًا على جميع الحرِّيَّات العامَّة، ملتزمًا قضايا العدالة والسَّلام وحقوق الشُّعوب، كما فعل على الاخصّ، ولا يزال، لصالح القضيَّة الفلسطينيَّة ومدينة القدس والأماكن المقدَّسة. فكانت من ركائزه الأساسيَّة صداقات مع الشَّرق والغرب، من دون أن يسمح لا للشَّرق ولا للغرب بالهيمنة والسَّيطرة عليه، وتغيير وجهه وجوهره وخصوصيَّته التَّعدُّديَّة، الحضاريَّة والثَّقافية والانسانيَّة. هذا ما يجب أن نتمسّك به حفاظًا على هويّتنا، وطيب علاقاتنا مع الدول”.

 

وتابع: “لقد اعتُدِي على لبنان، وعلى شعبه وسلامة أراضيه أكثر من مرَّة. فكان تحريره من الاحتلال والاعتداءات، بتضامن وقوَّة أبنائه. فبات علينا واجب الالتزام بتحصين وحدتنا الدَّاخليَّة، وتحرير لبنان من أزماته السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والماليَّة والمعيشيَّة، وبتحرير شعبنا من حالة الفقر والعوز والحرمان، وتحرير صيغة وطننا وميثاقه من الولاءات الخارجيَّة، والالتزام بالعودة إلى كنف الشَّرعيَّة وسلطة الدَّولة، وتحرير تعدُّديَّته من الولاء للطَّائفة أو المذهب أو الحزب، على حساب الولاء له وحده”.

 

وشدد على أنَّ “الأوضاع الدَّقيقة في بيئتنا المشرقيَّة لا تسمح لأحد أن يورّط لبنان في صراعات خارجيَّة تقضي على سيادته واستقلاله، أو أن يحوِّله إلى ساحة حرب. وإلاَّ كيف نطرق أبواب العالم، دولاً ومؤسَّسات، طالبين إنقاذ لبنان إقتصاديًّا وماليًّا، فيما هو عديم الاستقرار أمنيًّا وسياسيًّا وحوكمةً وعدالةً حرَّة من أيّ تدخّل سياسي أو لون، ونزيهة، تقضي على الفساد، وتشكِّل الأساس للحكم بعدل؟.

 

وأشار الى أنه “لا يمكن أن نغفل عمَّا يُحاك لدول الشَّرق الوسط، ومنها لبنان، بالديبلوماسيَّة السِّريَّة بين الدُّوَل الكبرى، بعد الحروب التي أنهكت دول هذا الشَّرق فلا يستطيع السِّياسيّون اللُّبنانيّون البقاء أسرى مصالحهم الخاصَّة ورؤيتهم العتيقة وعداواتهم القديمة والمتجدِّدة. فليدركوا أنَّ الدَّولة هي وحدها المرتجى، لكونها كيانًا تأسيسيًّا وجامعًا. فخارجًا عنها ضياعٌ وانهيار”.