مجلة وفاء wafaamagazine
لقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
“عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به رسول الله أحد أصحابه عندما سأله عن أفضل دعاء يدعو به الله قال: أن تسأله العافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت، فالعافية هي أفضل ما يمن به الله سبحانه وتعالى على عبده في الدنيا وهي سبيل نجاته في الآخرة. وليكن دعاؤنا بما كان يدعو به رسول الله: اللهم إني أسألك العافية، ودوام العافية وتمام العافية والشكر على العافية عافية الدين والدنيا والآخرة، يا ولي العافية. فبالعافية نقوم بمسؤولياتنا وواجباتنا وبها نصبح أقوى وأقدر على مواجهة التحديات”.
وقال: “البداية من لبنان الذي وصل فيه تفشي وباء كورونا إلى حد خطير بحيث لم يعد بالإمكان السيطرة عليه إلا بالقرار الذي اتخذ بالإقفال التام مع بعض الاستثناءات. ونحن، في هذا المجال، مع أي قرار يساهم في حماية المواطنين من هذا الوباء، نظرا إلى تداعياته الخطيرة عليهم، وزاد من خطورتها أنها وصلت إلى الجهاز الطبي المكلف بالعلاج، ولذلك ندعو إلى الالتزام بكل مندرجات هذا القرار، واعتبار ذلك واجبا شرعيا وأخلاقيا، وإن كنا نعي انعكاسات ذلك على القطاعات الإنتاجية التي شملها وعلى من يعتمدون على عملهم اليومي لتأمين لقمة عيشهم”.
ودعا “الدولة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها، فهي معنية بمد يد العون إليهم لمساعدتهم على تحمل أعباء هذا الإقفال، وفي الوقت نفسه ندعو المؤسسات والجمعيات العاملة في الشأن الاجتماعي إلى التعاون في ما بينها لمساعدة الطبقات الفقيرة والمحرومة ولضمان تقيدهم بهذا القرار”.
وتابع: “في هذا الوقت، لا تزال المراوحة تحكم مسار تأليف الحكومة حيث لم تؤد المشاورات الجارية إلى أي تقدم يذكر، رغم أجواء التفاؤل التي تشاع بين الحين والآخر، إذ لا يزال الخلاف مستحكما على صيغة الحكومة ومن يتولى التعيين وعلى نوعية الحقائب التي يريدها هذا الفريق أو ذاك، ومن دون أن يبدي أي منهم استعداده لتنازلات متبادلة تضمن هذا التشكيل”.
وأسف أن “يأتي مبعوثون من الخارج إلى هذا البلد لحث القوى السياسية على الخروج من انقساماتها والإسراع في تأليف حكومة للقيام بإصلاحات هي ضرورية لضمان مساعدة لبنان على الخروج من أزماته، فيما تتعامل هذه القوى مع البلد وكأنه بألف خير ولا يحتاج إلى أحد، ولذلك تبقى غارقة في حساباتها الخاصة وصراعاتها ومصالحها، من دون أن تدير بالا لما قد يجري على الوطن وعلى المواطنين. ولذلك نقول لكل هؤلاء، كفى تلاعبا بمصير هذا البلد وبمستقبله وبمستقبل أبنائه. لقد آن الأوان لأن تعيدوا النظر في حساباتكم قبل أن يعاد النظر فيكم”.
أضاف: “نتوقف عند العقوبات التي صدرت أخيرا تحت عنوان قانون محاربة الفساد بتوقيته وظروفه، لنقول إننا في الوقت الذي نقف مع أي قرار يدين فاسدا، لكننا لا نرى أنه يأتي من هذه الزاوية، ولو كان كذلك لأجاب وبكل وضوح وشفافية وعلى الملأ عن السؤال الذي طرح ويطرح حول الأدلة التي استند إليها والمستندات التي اعتمدت، ليقتنع اللبنانيون أن القرار لم يكن سياسيا ولا يدخل في حسابات مصالح الدولة التي أصدرته، وإلا سيبقى هذا القرار يدخل في إطار التشكيك كما هو واضح وبين وحتى يثبت العكس. وتبقى المسؤولية على الدولة اللبنانية في معالجة الفساد حتى لا تترك المجال للآخرين وخصوصا القوى الخارجية لكي تدخل إلى البلد وتتدخل في شؤونه من هذا الباب”.
وعن مسألة ترسيم الحدود، قال: “إننا نقدر الثبات في الموقف الذي أظهره الوفد اللبناني المفاوض في تثبيت حق لبنان وعدم التنازل عنه، مستندا في ذلك إلى كونه التزاما بالقانون الدولي، وندعو إلى التمسك به والثبات عليه وبوحدة الموقف اللبناني في عدم التفريط وتحت أي ظرف من الظروف، بشبر من الأراضي اللبنانية أو ثروة لبنان الوطنية”.