الخميس 11 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، ورشة عمل عن “مكافحة الفساد ونزاهة الأعمال”.
حضر الجلسة الافتتاحية وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، سفيرا ألمانيا جورج برغلين وإسبانيا خوسيه ماريا فيري وممثل عن السفير المغربي محمد كرين، والنواب: ياسين جابر، جورج عقيص، نديم الجميل، والياس حنكش، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، الوزير السابق زياد بارود، النائب السابق غسان مخيبر، مدير فرع الشرق الاوسط وإفريقيا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كارلوس كوندي، مدير المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور محمد سيف الدين، ومهتمون بملفات الفساد وأعضاء المجلس.
جريصاتي
استهل جريصاتي كلمته بشكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي ل”اهتمامه بالملفات الحيوية”، واصفا السفير الالماني ب”الصديق للبنان”.
وتوجه إلى منظمة التعاون، وقال: “هي شريكة لوزارة العدل والشؤون الرئاسية، وهي التي التزمت بالتزاماتها. وإني أنوه بالسيد كوندي نيابة عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يشدد على مكافحة الفساد ويترجم ذلك من خلال النصوص والافعال واتخاذ التدابير الضرورية على مختلف المستويات.
أضاف: “إن حكومتنا تنشط على مستوى تطهير الأعمال والشأن العام لتحقيق الهدف الوطني. كما نعمل على تحقيق المعايير الدولية الخاصة بالنزاهة والشفافية التي يحتاج لبنان اليها”.
وتابع: “آمل من المشاركين في الندوة ملاحظة ما حققه لبنان من انجازات في مجال مكافحة الفساد سواء أكان على المستوى التشريعي أم القضائي. ونحن نشدد في هذا السياق على حق الوصول إلى المعلومات والشفافية، لا سيما في قطاع النفط والغاز الواعد وحماية الذين يكشفون عن الفساد والفاسدين والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وهي في طور الانجاز والاعتماد”.
عربيد
من جهته، قال عربيد: “في بلدنا ليس خافيا على أحد أن شبكات الفساد موجودة ونشطة، فهذه الشبكات المنتشرة وصلت إلى درجة من المكر لتتحدث بنفسها عن مكافحة الفساد وتموه لهم الحقيقة، وتحصر الفساد في مجموعة من الموظفين الذين يفتحون أيديهم تحت طاولاتهم، لصاحب معاملة أو مصلحة”.
أضاف: “إن الفساد بصورته المدمرة أوسع بكثير، ولا يتوقف عند حد، بل يتجاوز هذا المظهر الصغير منه، ليمتد إلى هرميات السلطة والمنتفعين منها. الفساد الإداري مرفوض، وهو مؤذ ومهين للدولة والمواطن، لكنه أبسط أنواع الفساد الذي ساد، بينما النوع الأكثر فتكا هو الفساد السياسي المدمر للدول، والذي يطال بنية الدولة ويحرف آليات عملها. الحقيقة أن الفساد أصبح له في بلادنا أنظمة وآليات وطرق عسكرية للمناقصات. ثنائيات سياسية – اقتصادية، إن قلت زيد في السياسة، يتبعه حكما عمر في الصفقات، حتى تنتقل الثروات من جيوب الناس إلى جيوب كتلة الأنانيين الصغيرة”.
وتابع: “وبذلك، ما من شك في أن كلفة الفساد على اقتصادنا هائلة، فهي تمنع تكافؤ الفرص، وتبعد المستثمر المخلص، وتقرب المرتكب من مركز القرار، فتقتل الأمل في الجيل الطالع ليكون حامل لواء التغيير، فتدفعه إلى الطائرة التي يراها تقلع الى وجهة أحلامه”.
وأشار إلى أن “القوانين والإجراءات الحالية تصب تركيزها على معالجة مشكلة الفساد في الإدارة العامة، وهذا ضروري، لكنه ليس كافيا، بل إنه من الضروري اصابة منظومة المناقصات المركبة، وتحالفات المصلحة بين رأس المال ورأس السياسة”، وقال: “الفساد ليس قدرا عندنا، فهو متفش، لكن محاربته ممكنة، والجميع يعترفون به، فعندما يقع فاسد، يخرج شركاؤه علينا ليقولوا: سنرفع الغطاء عن المرتكب. هذا يعني ببساطة أن الغطاء كان موجودا، فلماذا يكون في بلادنا غطاء غير غطاء القانون الذي يظلل كل الناس؟”.
أضاف: “لقد وصلنا الى مرحلة، تطبع فيها الفساد وعم، وهو العائق الاول للتنمية المستدامة، ومسبب سوء توزيع الثروة، والتفاوت الطبقي بين الناس، وعنوان تدمير الامن الاجتماعي والامن الاقتصادي، بل عنوان تدمير الدول برمتها. وفي حالتنا، هى مشوه لصورة بلدنا التي لطالما كانت جميلة”.
وتابع: “في الحلول، إن مكافحة الفساد لها مسارات متعددة، فهي على المدى البعيد مسألة ثقافة وتربية على النزاهة وزرع مفاهيم وتأصيل انتماء وتعريف بالحقوق والواجبات، وتعميق للعلاقة بين المواطن والدولة، وبين المواطن والقانون. وفي أفق أقرب، هي نزع للسموم الطائفية من النصوص والممارسات، ورفع لأغطية الدين والسياسة عن الإدارة، وهي قبل ذلك كله، تصحيح للتمثيل الوطني في مؤسسات الدولة، من خلال سحب الطائفية منه، وهذا كله عمل قانون الانتخابات الذي قبل كل شيء، يحدث المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات”.
وأردف: “وفي أفق حالي أكثر قربا، فإن مكافحة الفساد هي نتيجة حتمية لتعزيز دور الاجهزة الرقابية، وتزخيم يد القضاء، ورفع الوصاية عن هيئاته، واطلاق يد العدالة وتعزيز سيادة القانون، وايصال المعلومة الى المواطن. وهنا، دور المواطن نفسه في مكافحة الفساد، حيث أن له الدور الابرز والاكثر تأثيرا، في أن يعرف أكثر، وأن يمتنع عن المشاركة في دوامة الفساد، حتى وان كانت تسهل عليه حل مشكلة لحظية، فهي تعمق مشكلاته الابعد والاكثر استدامة”.
وختم: “هنا أيضا يبرز دور وسائل الاعلام في أن تسهم في استراتيجية مكافحة الفساد، فتكشف الحلقات الخفية من تحالفات المال والسياسة، وتوصل المعلومة الى المواطن، الذي يمكن له مع غيره أن يشكل جماعات مصالح مشتركة تكون قادرة على محاربة كتبة الانانية. كل ذلك ممكن، فليبدأ كل واحد من نفسه”.
كوندي
أما كوندي فقال: “إن مكافحة الفساد هي مسألة أساسية لأننا نعرف تمام المعرفة أن للفساد تأثيرا عميقا على الاقتصاد الكلي في العديد من البلدان، وهو يمثل عقبة رئيسية أمام التنمية المستدامة والتنافسية. وهذا مثير بشكل خاص لأن لبنان بلد فيه واحدة من أكثر الاقتصاديات تنوعا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي مفتوحة للاستثمار الأجنبي، مع وجود قطاع خاص ديناميكي للغاية”.
أضاف: “بما أن قطاع الخدمات يمثل 76? من القيمة المضافة وقطاع الصناعات التحويلية يمثل نسبة عالية من الإنتاج الصناعي، فإن للبنان بنية اقتصادية متطورة للغاية. وفي سياق إقليمي معقد له تداعيات إنسانية واقتصادية وجيوسياسية شديدة، يبدي لبنان مرونة استثنائية. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد كبير من التحديات ومواطن الضعف التي يواجهها لبنان لتحقيق نموه الاقتصادي الكامل، والذي يشمل استمرار الفساد والرشوة”.
وتابع: “في مؤتمر CEDRE، الذي عقد قبل أكثر من عام، وضعت الحكومة اللبنانية في قلب رؤيتها لتحقيق الاستقرار والنمو والوظائف ومكافحة الفساد ، إدراكا أنه لا يمكن تحقيق خطة شاملة للاصلاحات وبرنامج الاستثمار في البنية التحتية في لبنان من دون معالجة هذه الآفة.
السفير الالماني
من جهته، شدد السفير الالماني على “ضرورة مكافحة الفساد”، لافتا إلى “مساوئه على الاوضاع الاقتصادية والمالية”، وقال: “إن محاربة الفساد ليست فقط طريقة حكم جيد، بل انها شأن وطني بامتياز، خصوصا أن الفساد قوة تدميرية تكسر الثقة بين الدولة والمواطن، وهذه الثقة هي ما يحتاج إليه لبنان للتنمية المستدامة والنجاح”.
أضاف: “إن الفساد يضرب قطاعي التعليم والاستشفاء ويرهق الموازنة وقسم الشعب الى فئتين، واحدة تستفيد من الفساد، وأخرى تدفع الثمن، ونحن كدولة المانيا نقف الى جانب لبنان لمكافحة الفساد”.