
مجلة وفاء wafaamagazine
افتتح بيت السيدة فاطمة الزهراء الثقافي، خلال احتفال اقيم في الساحة العامة في بلدة برج رحال الجنوبية، بحضور عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي خريس، المدير العام لمؤسسة الجرحى أبو حسن دكروب، المشرف العام لحوزة الإمام الصادق الشيخ صادق النابلسي، خادم بيت السيدة فاطمة الشيخ مصطفى شعيب، إلى جانب حشد من الفاعليات والشخصيات وعلماء الدين والأهالي.
بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم، وتقديم يونس زلزلي، ألقى النائب خريس كلمة بارك فيها افتتاح هذا الصرح الثقافي، متطرقاً للحديث حول المستجدات السياسية والأمنية، فقال: “علينا أن نخرج العدو من أرضنا ليس بالكلام إنما بالفعل وبالمقاومة التي حررت الأرض، وأجبرت من خلال ناسها وشعبها، ومن خلال التصدي الرائع، ومن خلال المواجهات، ومن خلال شهدائنا ومن خلال جرحانا،- العدو على الانسحاب من أرضنا من دون قيد أو شرط، لا تنفيذاً للقرارات الدولية كما حاول الإدّعاء، فإسرائيل لا تحترم لا قرارات دولية ولا أمم متحدة ولا مجلس أمن ولا شيء على الإطلاق”.
أضاف: “نعيش اليوم في مرحلة صعبة على شعبنا وعلى أمتنا، وهذا الوطن الذي قدم شهداء على مستوى سماحة الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، ومئات بل الآلاف من الشهداء، لا يمكن أن ينصاع لا لأميركا ولا لإسرائيل ولا للغرب، وعندما قابل دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري الموفد الأميركي مؤخراً، قال له برّاك: “يجب أن تعودوا إلى اتفاق 17 أيار 1983، ويجب أن تسعوا وتعملوا وتضغطوا على إسرائيل”. فيما رد الرئيس بري: “الضغط يتم من طرف واحد، أنتم تضغطون علينا، أين هو الضغط على العدو الإسرائيلي؟ إسرائيل هي التي تحتل أجزاء من أرضنا، وهي التي تقتل كل يوم، وهي التي هدمت وتهدم بيوتا، وتدمر من دون أن تضغطوا عليها.”
وتابع: “هناك أيادٍ لا تريد سلاماً للبنان، ولا تريد أماناً للبنان، بل يريدون المزيد من الضغط، حتى في ما يتعلق بموضوع الإعمار، فالإعمار ممنوع لما هدّمه العدو الإسرائيلي، إلا من خلال شروط، ما هي هذه الشروط؟ هي شروط الاستسلام، وشروط الخضوع للطروحات الإسرائيلية، ولكن هل يمكن أن نقبل بشروط العدو الإسرائيلي؟ بالتأكيد لا يمكن أن نقبل، ولا يمكن أن نعود إلى الوراء، ومهمتنا هي أن نحمي شعبنا، وأن نصون هذا الوطن”.
وشدد النائب خريس على أن “العدو الإسرائيلي هو الذي لا يريد تنفيذ القرار 1701، بل يعتدي يومياً ويقتل ويغتال من أبنائنا، وأننا أمام كل الأقاويل التي نسمعها نرد بكلام الإمام موسى الصدر: “إسرائيل شرّ مطلق، والتعامل معها حرام”.
ورأى أن “المطلوب في هذه المرحلة، على المستوى الوطني العام، أن نعود إلى كتاب الإمام موسى الصدر، وها نحن نقول لجميع الفرقاء ولكل الأحزاب والتيارات أن علينا العودة إلى كتاب الإمام موسى الصدر، في ما يتعلق بالوحدة الوطنية، وصون العيش المشترك، وبناء الدولة، خاصة أنه هو الذي قال: “أفضل وجوه الحرب مع العدو الإسرائيلي هو السِلم الأهلي الداخلي”، رغم أن هناك بعض الأشخاص في الداخل، متحمسون أكثر من إسرائيل، في ما يتعلق بالضغوطات”.
وقال: “لم نكن يوماً إلا مع الدولة، وذكّرنا في يوم من الأيام بمطالبة الإمام موسى الصدر في السبعينات، وقبل السبعينات، بأن يدخل الجيش اللبناني إلى الجنوب، وأن يتوجه إلى المواقع الأمامية، لكن الدولة في تلك الفترة تمنعت من أن تذهب إلى الجنوب، فكانت ولادة المقاومة، واليوم لا يمكن لهذه المقاومة أن تنهزم أو تتراجع، بالرغم من كل الظروف المحيطة، والأوضاع التي نعيشها اليوم، وها نحن نرى ما يحصل في سوريا، حيث باتت ثلاث محافظات تحت السيطرة الإسرائيلية والآتي أعظم، أما نحن فموقفنا واضح لا يمكن أن نبدّل أو نغير، فنحن من مدرسة الإمام الحسين”.
النابلسي
بدوره ألقى الشيخ صادق النابلسي كلمة قال فيها: “الصحيح أننا نتعرض للصعوبات والاعتداءات، ولكننا لا نزال نملك دمًا دافعًا وهمّة ترفض وقول لا، فرجالنا وقادتنا كانوا وحدهم في التاريخ يقولون للإمبراطوريات: لا، وهذا كلام الإمام السيد موسى الصدر، الذي أراد أن يبقى سلاح الولاية مرفوعًا، وعزيزًا، وكريمًا، وشامخًا، واليوم نحن نسير على مساره ونهجه، ونموذجه الذي لا يمكن أن يُسقِطه أحد”.
وقال: “كل الحروب والتحديات الماضية، كانت عنوانًا بارزًا ونموذجًا ناصعًا لنُبرز من خلاله قيمنا وهويتنا التي تنتمي إلى عمق الإسلام، وهذا البيت اليوم الذي نسميه بيت السيدة فاطمة الزهراء الثقافي، هو بيت التضحية، وبيت البذل، وكل بيت بهذا المعنى، وكل نموذج في الإسلام ويرتبط بالأنبياء، يحتاج إلى تضحية، ويحتاج إلى دماء، ويحتاج إلى علم”.
وأضاف: “بفضل العيون العباسية، وبفضل الأيادي العباسية، وبفضل البصيرة والصبر الزينبي، هذا بيت الزهراء، بيت مملوء بالمحبة، مملوء بالإيمان، مملوء باليقين، مملوء بالثبات، مملوء بالبصيرة، وبهذه الدماء الزكية، وبهذا العطاء، وبهذا العلم، وبهذه المعرفة، نستطيع أن نضخّ إلى الناس من جديد صوت الإسلام، صوت رسول الله، صوت أمير المؤمنين، صوت الحسن والحسين، صوت زينب، صوت الإمام الخميني، صوت الإمام موسى الصدر، صوت سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله، صوت الشهداء، صوت الجرحى، صوت المعذبين، صوت الفقراء، ونستطيع من خلال هذا البيت أن نحوّله إلى نموذج حيّ، يرتبط بكل النماذج التي سبقت في هذا التاريخ: تاريخ جبل عامل وتاريخ التشيّع”.
دكروب
واستهل المدير العام لمؤسسة الجرحى أبو حسن دكروب كلمته بمباركة افتتاح “هذا البيت الثقافي على يد جريح البيجر ورفاقه الشيخ مصطفى شعيب”، وقال: “عندما قام العدو الإسرائيلي بهذه العملية الجبانة، وأصاب الكثير من الإخوة والكثير من النساء والأطفال، لم يكن يريد أن يقتل هؤلاء الأشخاص، بل كان يريد أن يصيبهم بإعاقات مختلفة، سواء بالبصر أو إعاقات أخرى، حتى يكونوا عبرة كما ذكر، ويكونوا شاهدين على بأس العدو وعلى قوة العدو، وقد عبّر عن هذا الموضوع في أكثر من مناسبة، ولكن هذا العدو لا يعرف أن هؤلاء الإخوة تربّوا على القيام بتكليفهم الشرعي مهما كانت النتائج ومهما كانت التضحيات”.
وأضاف: “ما شهدناه أن هؤلاء الإخوة كانوا من أصحاب الإرادة القوية والعزيمة الثابتة، وكانوا متقبلين لهذه الإصابات التي أصيبوا بها، بل ازدادت معنوياتهم، وكبرت إرادتهم أكثر فأكثر، وأستطيع أن أقول إنهم سيصبحون معطائين ومضحّين أكثر من قبل الإصابة، وهذا الفعل الذي قام به العدو، حوّله إخواننا الجرحى إلى فرصة ليثبتوا للجميع بأنهم أصحاب إرادة وأصحاب تكليف شرعي، ومجاهدون مضحّون لا يكترثون بما أصابهم، وهم منذ أن انتموا إلى هذا الخط كانوا يبغون إحدى الحُسنيين: إما النصر وإما الشهادة”.
وتابع دكروب: “تخرّج هؤلاء من مدرسة السيدة زينب التي أمام ابن زياد لتجيبه على ما قاله بحق أخيها الحسين: “ما رأيتُ إلا جميلاً”، ليثبتوا يومًا بعد يوم أنهم لن ينهزموا، وأن هذه الإصابات التي أصابتهم لن تضعف من عزيمتهم أبدًا، بل سيبقون بمعنويات عالية، وبعطاء مميّز في كل الأوقات، ونحن ننظر اليوم إلى ما قدّمه الشيخ مصطفى شعيب في هذا المشروع، ليثبت أننا ما زلنا أقوياء، وما زالت معنوياتنا عالية، وما زلنا قادرين على العطاء وعلى الحضور وعلى التضحية”.
وقال: “لمن الجميل أن سُمّي هذا البيت ببيت السيدة فاطمة الزهراء ليكون منارة للعلم وللالتزام وللدين والثقافة، وليحتضن نشاطات مختلفة في مختلف الميادين الدينية والثقافية”، مؤكداً “أننا سنقف إلى جانبه وإلى جانب كل الجرحى في شتى الظروف التي يمرّون بها”.
شعيب
وألقى الشيخ شعيب كلمة قال فيها: “اخترنا أن تكون انطلاقة هذا البيت في مناسبة شهادة الإمام زين العابدين، لتكون انطلاقة رسمية للأنشطة والإجراءات والإحياءات المراد إقامتها فيه، لأننا نريد أن نتأسى ونقتدي بطريقة عمل وأسلوب الإمام زين العابدين في إحياء أمر أهل البيت، وفي القيام بواجبه الديني والشرعي تجاه البيئة، بما يرضي الله بالحب والعاطفة والمودة وبالإخلاص، وبمد يد العون والمساعدة إلى الجميع”.
وتطرق إلى أهداف إطلاق هذا البيت الثقافي، فأشار إلى أنه “يهدف إلى القيام بالفعاليات المتعلقة بإحياء أمر أهل البيت، من إقامة مجالس عزاء ولطم، ومحاضرات دينية، وسهرات ثقافية، وورش تربوية ودينية وثقافية مختلفة، تستهدف بشكل عام كل الفئات، ولكن التركيز الأكبر سيكون على الفئات الناشئة من الذكور والإناث، إضافة إلى أنه سيكون مفتوحاً أمام الجميع مهما كانت انتماءاتهم الحزبية أو السياسية أو غيرها، وأن ما نطلبه اليوم هو أن يحافظ الخادم في هذا البيت على انتمائه السياسي مهما كان، ولكن أن يتظلّل معنا تحت العباءة الجامعة للسيدة فاطمة الزهراء”.