مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت الشاعرة سوسن سعيد بحمد
تحلّقت الكواكبُ حولَ امِّها الشّمسِ للاحتفالِ بعيدِ مولدها المليارِ العاشر.
تقدّم كبيرُها المشتريّ مباركاً ومهنئاً ثمّ سأل الشّمس عن سرّ تألّقها المستمرِّوصباها، فابتسمتِ الشمسُ حيث زادَ إشراقُها وجمالها وقالت: إنّه الحبُّ والعطاءُ يا بُنيّ هو سرُّ جمالنا فابتسمَت الكواكبُ إعجاباً، عندها مدّت الشمّسُ خيوطها الهليونيّة البرّاقة واحتضنت الجميع، وعندما قبلّتِ المريخَ أحمرَّ خجلاً وقال:
أمّي احكي لنا قصّةَ حياتك، واحكي لنا كيف كبرتِ وصرتِ عظيمةً بهذا الشكل! وأردف زحلُ:
أجل احكي لنا. فرمقتهُ بنظرةِ عطفٍ وزيّنته بمدارٍ من سدفٍ دائريّ وشعّت الفكرةُ في عينيّ كوكبِ الزّهرةِ فقال: أفصحي لنا عن شيء من ذكريات الدهور والعصور، أنتِ الواضحة والصّريحة، أنتِ من يتكنّى بكِ الحقُّ ويتشبّهُ بكِ الوضوحُ والعطاءُ والعدلُ والقوّةُ والسمّوُّ والرّقيُّ والعافيةُ والجمال! أطرقتِ الشّمسُ وقالت:
كنتُ في ما مضى غباراً وفُتاتاً من آياتٍ نورانيّة، ذرّاتٍ من أثني عشرَ نوراً في مدى واسعٍ من الفضاء، ثمّ ضغطتْ موجاتُ الطّاقةِ المتنقّلةِ عبرَ الفضاءِ سُحبَ الجسيماتِ معاً وتجمَعتِ المادّة معاً وجعلتها الجاذبيّة تنكفئُ على نفسها، وتسبّبتِ الجاذبيةُ بدورانها، وتَسبّبَ الدّورانُ في تكتّلِ المادّة معاً، وتكوّنَ قلبي وأصبحتُ شمساً من نواةِ الحبّ المشعّة!
الكلُّ يرى منّي النّورَ ويشعر بالدّفءِ والحرارةِ. كلُّ الألوانِ تحسب إشراقي سعادةً وإشعاعيَ قوّةً لا تُضاهى. لولا امتثالي لأمرِ الله الّذي جعلني صورةً مصّغرةً لرحمتهِ، ولولا قسمه سبحانهُ وتعالى بي وبالقمر لاعتكفتُ عن الإشراق… هل سألتم أنفسكم لماذا أنكسف!!؟ أنتم لم تروا دموعي لأنّني كنتُ أداريها وأمسحها بالغيوم البيضاء وكم اسودت الغيوم من أحزاني!! كنتُ أشرقُ لأنّني أعرفُ حاجة الكائناتِ لي لكنّني كنت أبغضُ أن أرى ظلم البشرِ هل ترعوون علّة الليل وعلّة كسوفي؟!
حينها كنتُ أُغضُ وأمتنع عن الإشراق كي لا أرى السّفك والكذبَ والاضطهاد، وأنا الّتي يسيرُ الكونُ على شعاعِ لحاظي ويمتثلُ الزّمن والمواقيتُ لنورِ عينيّ!
وكم أسعفني القمر. هذا القمرُ الّذي نقلَ ضوئي حيثُ عجزتُ عن المواجهة! نعم… نعم أنا الشّمسُ العظيمةُ سرُّ حياةِ البشر.. أقفُ عاجزةً عن الإشراقٍ في النفوسِ المظلمة… أنا التي أحترقُ كي يسعد الآخرون، أفارقُ أبراجَ الرّفعةِ والكبرياء وأنحني وأسجدُ أنا وكواكبي لجمال الرّوح والنفس البشريةِ المتوغّلة في الإنسانيةِ وطاعة الخالق! أشيحُ بوجهي فيبزغُ اللّيلُ وأغضُّ الطّرفَ وأشرقُ في آن! …وحدهُ الحبُّ والعشقُ الأبديّ ردّني من غروبي أنا الٍشمس.. أتنازلُ عن عرشِ مملكتي للحبِّ المنتظر!
سوسن سعيد بحمد شاعرة لبنانية