الأخبار
الرئيسية / دعوات وبيانات / بيان للقوى التي دعت لمسيرة اليوم… لماذا عادت الى الشارع؟

بيان للقوى التي دعت لمسيرة اليوم… لماذا عادت الى الشارع؟

مجلة وفاء wafaamagazine

أصدرت القوى التي دعت لمسيرة اليوم، بياناً جاء فيه التالي:

“لقد بات واضحًا للجميع أنّ ما تشهده البلاد من تعميق لجميع مظاهر الأزمة الاقتصاديّة، لم يعد ناتجًا عن تداعيات الانهيار الماليّ نفسه، بل عن سياسات منظّمة ومتعمّدة تجعل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانيّة يدفعون ثمن المعالجات الّتي تهدف لحماية مصالح النافذين في المنظومتين السياسيّة والماليّة. ما ندفعه اليوم هو ثمن حماية المنظومة من الانهيار، وليس ثمن الانهيار نفسه!

لقد شاهد الجميع بأمّ العين كيف توسّع مصرف لبنان طوال الأشهر الماضية في عمليّات خلق النقد، الّتي ساهمت في دفع الليرة اللبنانيّة نحو الانهيار الّذي نراه. وقد جرت كلّ هذه العمليّات للاستمرار بدفع مستحقّات الدولة للمصارف بالليرة، بدل التفاوض عليها وإعادة هيكلة الدَّين العامّ كما كان مطروحًا منذ سنة. كما جرت لدفع الودائع المدولرة بالليرة اللبنانيّة مع نسبة عالية من الاقتصاص من قيمتها، بدل دفعها بالدولار لأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة بعد تنظيف الميزانيّات من الخسائر وتحميل الخسائر لأصحاب الرساميل كما كان يجب. وأخيرًا، لقد رأى الشعب كيف تحوّلت عمليّة إعادة الرسملة إلى عمليّة شفط منظّم للدولارات من الأسواق، لإيداعها في حسابات المصارف في الخارج، بدل أن تكون عمليّةً تعيد الدولارات الّتي جرى تهريبها من المصارف في أشهر ما قبل الانهيار.

وهنا نسأل أساسًا عن جدوى هذه العمليّات، في ظلّ عدم وجود قانون يضبط مآل هذه الدولارات ويمنع تهريبها مجدّدًا لمصلحة كبار النافذين.

في المقلب الآخر، لقد رأينا كيف حصرت السلطة السياسيّة جميع رهاناتها خلال المرحلة الماضية بصندوق النقد، وإمكانيّة العودة لسياسات الاستدانة لإنقاذ النظام الماليّ ومصالح النافذين فيه. ثمّ، رأينا كيف انقلب “رموز هذه السلطة” أنفسهم حتّى على هذا الرهان المؤلم الوحيد الّذي وضعوه لنا، رفضًا للشروط الّتي يمكن أن تمسّ بمصالحهم، كالتدقيق الجنائيّ والاقتصاص من رساميل المصارف واستقلاليّة القضاء وخطّة نزيهة لقطاع الكهرباء وغيرها. كذلك، رأينا كيف تآمر “رموز النظام” لإسقاط قانون الكابيتال كونترول، ليفتحوا الباب أمام تهريب ما تبقّى من سيولة في المصارف ومصرف لبنان لمصلحة كبار النافذين، وليضعوا اللبنانيّين أمام احتمالين: توقيف الدعم وما سينتج عنه من كوارث اجتماعيّة، أو الإجهاز على ما تبقّى من دولارات المودعين في النظام المصرفيّ.

إنّنا لم نعد نثق بإمكانيّة أيّ حلّ بظلّ وجود المنظومة السياسيّة والطائفيّة الّتي تهيمن على القرار السياسيّ في البلاد، وبوجود زمرة النافذين المتحكّمين بأمور القطاع الماليّ وفي طليعتهم حاكم مصرف لبنان. إنّ هذه العصابة السياسيّة-المصرفيّة الّتي تمتدّ مصالحها ما بين السلطة والمصارف لا تملك المصلحة بالحلّ، ولا تملك المصلحة بإجراء أيّ إصلاحات مهما صغرت. لا بل بتنا على يقين أنّ مصالح هذه الفئة تقتضي تحميلنا ثمن الأزمة، عبر السياسات الّتي جرى اعتمادها طوال الفترة الماضية.

لكلّ هذه الأسباب، لا يمكن للغضب الناتج عن رؤيتنا لانهيار سعر الصرف وتدنّي قدرتنا الشرائيّة أن يكون طلقةً عبثيّةً في الهواء، بل ينبغي أن يقترن بعمل موجّه لتحديد الفئة المسؤولة عن هذه الانهيار، ودفعها للرحيل واستعادة السلطتين السياسيّة والنقديّة، تمهيدًا لإخراج البلاد من محتنها الراهنة.

أمام الفشل الفاضح للسلطة على مستوى التحدّي الاجتماعيّ والاقتصاديّ، نرجع إلى الشارع بهدف فرض تشكيل حكومة مستقلّة عن أحزاب المنظومة الآن، ومن أجل بناء بديل عن النظام الحاليّ.

  • قوام هذا البديل نظام علمانيّ ديمقراطيّ لامركزيّ، يخرج من عباءة رموز الطوائف واستغلالهم للعصبيّات المذهبيّة لحماية مصالحهم الضيّقة، وهذا على الأقلّ يتطلّب إقرارًا لقانون موّحد للأحوال الشخصيّة لتأمين المساواة الكاملة بين كافّة المواطنين والمواطنات على اختلاف انتماءاتهم.
  • قوامه نظام العدالة الاجتماعيّة، الّذي يرسم مسار الخروج من الانهيار، بسياسات تضع نصب أعينها مصالح الفئات الأضعف والأكثر هشاشةً، وخاصّةً من خلال الدفاع عن حقوق المودعين في المصارف اللبنانيّة، إعادة توزيع عادلة للخسائر، تطبيق التدقيق الجنائيّ وقانون الكابيتال كونترول، ومصادرة الاحتكارات التجاريّة وأموال المصارف الّتي هُرّبت من لبنان.
  • قوامه نظام العدالة والقضاء النزيه، وذلك من خلال إقرار قانون استقلاليّة القضاء ودعم التحقيق في جريمة المرفأ، لتحديد ومحاسبة كافّة المسؤولين عنها داخل وخارج لبنان.
  • وأخيرًا، بديل قوامه الحرّيّات والديمقراطيّة التشاركيّة، الّتي لا تستعمل الأدوات البوليسيّة لقمع الرغبة بالتغيير، يحضّر لانتخابات نيابيّة شفّافة وعادلة في موعدها، بإشراف إدارة مستقلّة”.