مجلة وفاء wafaamagazine
قال النائب العميد شامل روكز في الجلسة المسائية للثقة: “ثلاثة عشر شهرا أهدرت من حياة اللبنانيين بمناكفات تكليف وتأليف وتعطيل واعتذار، ثلاثة عشر شهرا من الإمعان بذل المواطنين وقهرهم والطعن بلقمة عيشهم، ثلاثة عشر شهرا تبخرت في مسرحية كوميديا سوداء، تراجيديا ساخرة، والبلد يتداعى ومؤسساته تتصدع. وهكذا، وبسحر ساحر، تمخض جبل التشاور ليتولد فأر تشكيلة حكومية، إن تشي بشيء، فباحتقار اللبنانيين والاستهتار بتضحياتهم. إن ما يسمى بحكومة “معا للانقاذ” تعكس ذهنية طبقة سياسية امتهنت استغباء المواطنين، وإيهامهم بالرغبة بالعمل، بينما هي شكل مقنع وقبيح لمحاصصة وتسويات مقيتة”.
أضاف: “تحدثتم في بيانكم الوزاري عن عزم وأمل، العزم على ماذا والأمل بمن؟ فبدل حكومة مصغرة مستقلة، ذات صلاحيات استثنائية، همها الوحيد لجم التدهور وإعادة البلد إلى سكة التعافي، كما طالب بها شعبنا بكل أطيافه، نجد أنفسنا أمام مجموعة من التعيينات السياسية والطائفية والولاءات المذهبية في تشكيلة معروفة اللون والتوجه. فهذه تشكيلة تأمين المصالح على حساب الإصلاح، شكلتها طبقة سياسية نجحت في إعادة إنتاج نفسها بعدما غدت منتهية الصلاحية، وقد تسببت بخراب البلد، وها هي تطرح نفسها كمنقذ، وتطلب ثقتنا. ما هذه الوقاحة؟ وكيف لنا أن نثق بمن نهب أموالنا، وبدد ثرواتنا، وأمعن في ظلمنا، وتغاضى عن آلامنا، ليعود ويتحفنا بهكذا تشكيلة، في شكلها تجانس مصطنع، وفي مضمونها انفصال عن الواقع. بربكم، أي حكومة هذه، وهي تغرق بيانها بعموميات وعناوين فضفاضة، في كل منها أفخاخ سياسية، تؤسس لخلافات لا تنتهي. فبدلا من رؤية واضحة مصحوبة باستحقاقات حقيقية، ومدة زمنية واقعية، نقرأ وعودا بمفاوضات وبرامج إنقاذية وهمية، وإصلاحات مصرفية مبهمة، وعبارات “عزم” و”تثمين” و”حد” و”عمل” و”توجيه” وغيرها من المفردات التي لا تسمن ولا تغني”.
وتابع: “هل لكم أن تشرحوا لنا كيف اختفت الخلافات التي عطلت الدولة وسرعت الإنهيار على مدى عامين ونيف؟ وكيف بقدرة قادر أصبحت تلك العناوين مدعاة إجماع؟ هل لكم أن تشرحوا لنا كيف في بلد ينخره الفساد لا وجود لفاسدين؟ في بلد أرهقته السرقات لا وجود لسارقين؟ هناك جواب واحد، إنها الانتخابات الآتية، مع ما تحمله معها من فرص للتحاصص وتقاسم قالب جبنة المساعدات المالية الموعودة. إنه وقت التكافل والتضامن لتثبيت المغانم. هذه تشكيلة حكومية تفوح منها روائح الانتهازية وتصفية الحسابات، والتحضر للتناتش الانتخابي على أعتاب موسم انتخابي عتيد. لم لا؟ فلقد أجهضتم الحراك الشعبي، وها انكم تحتفلون بالنصر. أو تحسبوننا لا نعلم؟ فمن خبر أداءكم طيلة عقود لن يخفى عليه هذا السلوك الغنائمي، وقد اعتاد مكافحته. لعبتكم مكشوفة. ومن ثم، أي بيان إنقاذ هذا؟ تتشدقون باستقلال القضاء، وتتلطون خلف حصانات مذهبية، رافضين الاستجابة ولو لجلسة استماع واحدة لدى المحقق العدلي، ومن ثم تتكلمون عن إحقاق الحق والعدالة، والحق براء منكم”.
وقال: “استوقفتني جملة عن دور المرأة، حيث يقول البيان ب”تعزيز دورها كشريك أساسي وفاعل وتكريس حقها بالمساواة…” هذه العبارة بحد ذاتها تفضح الهوة بين أقوال تشكيلتكم وافعالها، فلو كنتم فعلا مؤمنين بذلك، لكان حضور المرأة في هذه التشكيلة تخطى 1/24. أما أكثر ما يثير السخرية هو بند مكافحة الفساد، حيث الوعود بتعيين اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، فمن سيعين من؟ وكيف يمكن لفاسد أن يكافح نفسه؟ أو بند الحكومة الالكترونية في بلد لا كهرباء فيه ولا إنترنت، ولا حتى أوراق رسمية، أو حبر للأختام، حكومة إلكترونية؟ وكل ذلك وأكثر، خلال سبعة شهور، ألهذه الدرجة تحتقروننا؟ مرة أخرى، إنها الانتخابات”.
أضاف: “لن أغوص في تناقضات ووعود البيان الوهمية، فهناك ما هو أهم وأغلى من ذلك، ألا وهو أوجاع ومظالم المواطنين، والتي لا قدرة لكم، وأنتم صانعوها، على معالجتها. إن ما يهمنا ويهم المواطن اللبناني اليوم، هو لجم التدهور ورفع الضيم، وضبط الأوضاع المعيشية واستقرارها، وحماية الأمن الغذائي والاجتماعي والوظيفي والصحي والتعليمي”.
وتابع: “يجب على الفور خفض التضخم وضبط انفلات الأسعار، وإقرار البطاقة التمويلية بأسرع وقت ممكن، ووفق آلية شفافة وتحت رقابة صارمة. ويجب العمل على استرداد الأموال المنهوبة، وفق جدول زمني واضح ينصف المودعين كافة، ومحاسبة من نهب وسرق مدخرات الناس ومعاقبته. رفع الدعم بشكل تدريجي مع تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، من خلال البطاقة التمويلية المذكورة، وإعادة النظر بالحد الأدنى للأجور. الانطلاق على الفور بتدقيق جنائي، فعلي لا صوري، يوقع عقده من هنا ويعرقل من هناك، يطال كل مؤسسات الدولة والمرافق العامة، بدء بالمصرف المركزي، وتمهيدا لاستعادة ثقة العالم بنا. تسريع التحقيق بانفجار المرفأ ونشر المستجدات بشفافية تامة، ودعم المحقق العدلي حتى النهاية، والالتزام الفوري برفع الحصانات كافة، عمن يسميهم التحقيق، وإنصاف أهالي الضحايا. إعطاء الأولوية لخطوط إمداد الغاز، وتأهيل معامل دير عمار والزهراني والزوق، والتطبيق التدريجي لخطة ذكية تعتمد الطاقة المتجددة، وتستعين بمساعدات تقنية من دول صديقة لإعادة التيار الكهربائي تدريجيا”.
وأردف: “اما بخصوص ثرواتنا النفطية في البحر، فترك الأمور على التيسير لا ينفع، والإتكال على اعتراض يوعز رئيس الحكومة لوزير الخارجية برفعه للمنظمات الدولية لا يكفي، بل من الواجب تظهير موقف لبناني رسمي موحد، يقوي موقع التفاوض، ومن هنا أهمية السير بالمرسوم 6433 من دون تأخير. دعم الجيش والمؤسسات الأمنية ليس بالكلام، فعامل الإستقرار أغلى بكثير من أي كلفة تصرف على دعم المؤسسسات العسكرية والأمنية، إنه جيش الوطن، ودعمه المالي والمعنوي واجب، وعلى الشعب والدولة الإلتفاف حوله وصونه في كل الظروف، وعدم تركه لهبة خارجية أو منة من إحدى الدول أو حسنة من جهة ما، فعلى الحكومة مسؤولية فعلية في تأمين المساعدات والدعم الازم”.
وختم: “هذه هي أولوياتنا، وأولويات اللبنانيين أجمعين، وإن أي تشكيلة حكومية لا تضع نصب أعينها هموم المواطنين أعلاه، هي غير جديرة بالثقة، مع احترامي بالشخصي لأعضائها. لذلك، لا ثقة”.