الرئيسية / آخر الأخبار / السخرية بين المراهقين

السخرية بين المراهقين

مجلة وفاء wafaamagazine

خلال مرحلة المراهقة، يكون الشكل الخارجي للشاب موضوع اهتمام كبير. فيلاحظ الأهل عندما يدخل ابنهما هذه المرحلة، التي تمتد ما بين الـ9 سنوات حتى عمر الـ20 سنة، أنّ الشكل الخارجي يصبح من أولوياته: الإستحمام بشكل متكرر، الحفاظ على الوزن المثالي، قصة شعر عصرية، ممارسة الرياضة بانتظام… ولكن يمكن أن يكون الشكل الخارجي موضع سخرية بين المراهقين خاصة عند المراهقين الذين يسعون للفت النظر ولكن لم ينجحوا بذلك. والجدير بالذكر أن هناك عدة أنواع من السخرية على عدة مواضيع نجدها في مرحلة المراهقة. فلم يسخر المراهقون من بعضهم البعض؟ وكيف يمكن تقليص هذا التصرف الذي يمكن أن يتحوّل إلى تنمّر؟

يمكن أن تؤدي السخرية بشكل مستمر ومتكرر إلى قلة الثقة بالنفس ثم إلى الإنغلاق الإجتماعي. وهي لا تقتصر بين شخصين، بل يمكن أن يسخر شخص واحد على مجموعة من الأشخاص أو حتى مجموعة على مجموعة أخرى. وتتأرجح سخرية المراهقين ما بين مظاهر الخارجية وصولاً إلى نوعية عمل الأهل والأماكن التي يقصدها الآخر وغيرها من الأمور التي يمكن أن تكون مادة دسمة للسخرية.

 

السخرية في عالم المراهقة

 

يعترف العديد من العائلات بأن أصعب المراحل في التعامل مع الابن هي مرحلة المراهقة. تتميّز هذه المرحلة بتغيرات فيزيولوجة كثيرة وتدفق الهورمونات التي تلعب دوراً بارزاً في نموه لكي يصبح شخصاً راشداً فيما بعد. كما تتميز بتغير متكرر للمزاج عنده من خلال هبات من الغضب على الأهل، الإلتجاء للأصدقاء أو الأنزواء في غرفته… وغيرها وغيرها من التصرفات التي لا يعرف معظم الأهل التعامل معها ويقرّون بأنهم «استسلموا» تجاه ابنهم المراهق. وعلى رغم العلاقات غير «المميزة» مع الأهل، يجد المراهق شخصا آخر (عادةً من نفس العمر) «يفش» خلقه عنده ويصبحان ملجىء كل واحد للآخر.

 

وتظهر خلال تلك المرحلة عدة سلوكيات «غريبة عجيبة» يمكن أن تتقلب ما بين العدوانية والتبعية المطلقة تجاه الأهل. ومن تلك السلوكيات نجد الكثير من المراهقين «يسخرون» من بعضهم البعض بطريقة فكاهية أو بعض الأحيان تأخذ منحى «تنمّرياً» مما يجعل المراهق فريسة سهلة لقلة الثقة بنفسه.

 

أسباب تدفع المراهق للسخرية

 

المقارنة والتهكم وعدم التقبل بسبب الإختلاف هي من الأمور التي يمر بها الكثير من المراهقين. وتعتبر السخرية أسلوباً يستعمله المراهق لتثبيت الذات ومقارنة نفسه مع العالم الخارجي وكأنه يقول «من الأفضل أنا أو الآخر؟». وهناك العديد من الأسباب التي تدفع المراهق للسخرية وهي التالية:

 

أولاً، تقليد أحد الاصدقاء او أحد أفراد العائلة والشعور بالقوة من خلال السخرية. فيستعمل المراهق السخرية لتثبيت الذات ويمكن أن تتحول إلى تنمّر.

 

ثانياً، من الأسباب التي تدفع المراهق للسخرية، هو اعتقاده بأن هذا الامر سيجعله مقبولاً من أصدقائه خاصة الذين يطبقون أيضاً هذا التصرف غير المقبول.

 

ثالثاً، للحصول على انتباه واهتمام رفاقه حتى لو كان هذا الاهتمام سلبيا مع الوضع في الاعتبار أن هذا الاهتمام السلبي بالنسبة لبعض المراهقين هو أفضل من ألا يهتم بهم أحد على الإطلاق.

رابعاً، سخرية على الآخر ومضايقته تدفع المراهق للشعور بالتفوق والقوة وهذا الشعور يبحث عنه المراهق وبشكل دائم.

 

دور المدرسة من سخرية المراهق

 

أغلبية الأحيان تنتقل السخرية من المنزل إلى المدرسة، لذا إنّ دور المسؤولين في دور التعليم هو تفسير وتوجيه المراهق الذي يستعمل هذا الأسلوب الهزلي (ربما بدون قصد) وإستبداله بأسلوب مقبول. والذي يجب معرفته هو أن المراهق الذي يسخر من الآخرين، لا يتمتع بالثقة بنفسه ولكن العكس صحيح. فبسبب شعوره السلبي تجاه نفسه وعدم الرضا الكامل بشكله الخارجي أو بحياته اليومية أو حتى بمشاكله الفردية أو العائلية… يمكن كل ذلك أن يدفعه إلى السخرية للتخفيف من الإنزعاج النفسي الكبير الذي يمر به. وبهذه الحال، يستعمل المراهقون «الآخرين» للسخرية بدلاً للتكلم عن مشاكلهم الخاصة. كما أنّ المراهق الذي يسخر من أساتذته ويقلل من احترامهم، يجب تفحص حياته العائلية ومشاكله التي تجعله شخصاً يتألم من الداخل ويسخر من الأستاذ الراشد، الذي يلعب دور الأهل، لخفض هذا الألم الداخلي.

 

كما أنّ هناك مبدأ السخرية الذي يمكن أن يتعلمه المراهق من الآخرين، ويكتسبه من اصدقائهم أو حتى من أهلهم، مثلاً إذا كان الأب يسخر من الأم أمام المراهق أو العكس. فسيكتسب الطفل هذه العادة ويستعملها في حياته اليومية.

 


والمعالجة؟

 

مهما كانت السخرية، مضحكة أم لا، لا يمكن أن يتقبلها اي إنسان. فعلى الصعيد النفسي، للسخرية تأثير سلبي، والتي من الممكن أن تؤدي إلى العنف. فكيف يمكن مساعدة المراهق للإبتعاد عن هذه الآفة؟

 

– مساعدة المراهق للتعبير عن نفسه ومشاعره: فعادة لا يحب المراهق أن يخبر أحداً عن يومياته ومخاوفه وقلقه. لذا دور المدرسة هو الإصغاء لحاجات المراهق التي يمكن أن تقتصر إلى سماعه. كما دور الأهل هو المتابعة والتفسير الدائم لولدهما المراهق بأن لا يحق له أن يجعل من الآخرين مادة للسخرية. ويجب أن يبتعد الأهل عن العدوانية معه كما لا يمكن أن يستعملوا الأسلوب نفسه مع ابنهما.

– بعض المراهقين يحبون لفت الإنتباه، لذا دور الأهل هو متابعة أولادهم في كل مراحل نموهم.

 

– يجب أن يجيب الأب عن كل الحاجيات الاساسية لأولاده. وإذا كان هناك بعض المشاكل الإقتصادية في العائلة، فليتشارك المراهق هذه المشاكل ويتحمل المسؤولية ولكن يجب أن تكون مناسبة ومدروسة وعدم تحميله أكثر مما يستطيع تحمله.


– بشكل بسيط، يمكن للأهل أن يسألوا المراهق لم يستعمل السخرية في كلامه؟ ويطلبون منه أن يجد بكل شخص نقاطه الإيجابية وليس فقط التكلم عن خصاله السلبية والتوقف عندها.

– الجلوس مع المراهق والاستماع إليه بانتباه واهتمام يمكن أن يساعد في حل المشكلة، والأهم الإبتعاد عن العقاب والشتم وكل السلوكيات العدوانية لأنها لا تفيد في حل سخرية عند المراهقين.