مجلة وفاء wafaamagazine
تتجدّد المواجهة الحسّاسة وغالباً الحاسمة بين المنتخبين اللبناني والأردني لكرة السلة، فهما وقفا وجهاً لوجه غالباً في محطاتٍ مفصلية مهمة، ولقاء اليوم (الساعة 19.00 بتوقيت بيروت) في صالة الأمير حمزة في عمّان، لن يقلّ أهميةً عن كل المواجهات السابقة، إذ إنه قد يشكّل منعطفاً مفصلياً في مشوار الفريقين ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم
قد يكون الطريق لا يزال طويلاً لوصول منتخب لبنان لكرة السلة إلى كأس العالم، لكن لا شك في أن محطةً مهمةً وأساسية تنتظر أبطال العرب على طول هذا الطريق، وذلك بوصولهم إلى العاصمة الأردنية عمّان لمواجهة منتخبها في النافذة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى المونديال.
محطاتٌ عدة حاسمة جمعت المنتخبين ومنها ما انتهى لصالح المنتخب الأردني، على غرار خطفه بطاقةً مؤهلة إلى كأس العالم من خلال صعوده إلى منصة التتويج بإحرازه المركز الثالث على حساب لبنان في بطولة آسيا عام 2009. وبعدها بعشر سنوات تفوّق «النشامى» بانتصارٍ أكثر من مهم في التصفيات المونديالية، فكان ذاك الفوز بمثابة الضربة القوية للبنانيين ولو أنهم فازوا إياباً لكن لا بفارقٍ يكسبهم أفضلية المواجهات المباشرة.
من هنا، لا يمكن إخفاء مسألة أساسية وهي أن هذه المواجهة صارت بمثابة «الدربي» الحسّاس، ولا يمكن الاستهانة بأهميتها، خصوصاً في هذه المرحلة بالنسبة إلى المنتخبين، وإلى «رجال الأرز» على وجه الخصوص. وهنا الكلام عن أفضلية كبيرة يمكن للبنان أن يحصل عليها إذا ما فاز اليوم، إذ إن الأردن كان قد سقط أمام السعودية في الجولة الثانية ضمن المجموعة عينها، ما يعني أن الفرصة متاحة أمام اللبنانيين لإزاحة الأردنيين إلى حدٍّ ما من المنافسة على الصدارة في مرحلةٍ لاحقة.
الأردن بكامل عتاده
وهذه المسألة يدركها المنتخب الأردني جيّداً، ولهذا السبب أعلن حالة الطوارئ، مصرّاً على استدعاء لاعب ارتكاز فنربخشه التركي أحمد الدويري والهداف الأميركي المجنّس دار تاكر، ما يعني أن صاحب الأرض سيلعب هذه المرّة بكامل عتاده، لتفادي سقوطٍ جديد في مرحلةٍ حاسمة أمام نظيره اللبناني، وذلك على صورة فوز الأخير عليه في الدور الثاني من نهائيات كأس آسيا عام 2015، أو الفوز الأخير قبل أقل من أسبوعين ضمن البطولة العربية، والذي عبر من خلاله اللبنانيون إلى الدور نصف النهائي في طريقهم لإحراز اللقب للمرّة الأولى في تاريخهم.
ومن هذه البطولة يمكن الانطلاق للحديث عن المواجهة المتجدّدة من نواحٍ عدة، أوّلها أن المنتخب اللبناني خرج بإيجابياتٍ كثيرة من البطولة الإقليمية، إذ صحيح أن التجانس قد لا يكون في أعلى مستوياته ضمن تشكيلته، وهو أمرٌ طبيعي بسبب دخول لاعبين جدد إليها أو أن غالبيتهم لم يلعبوا سويّاً لفترةٍ طويلة، لكن ما كشف عنه بطل العرب هو أهم بكثير، وذلك من خلال اللقاء مع الأردنيين، إذ عجز هؤلاء عن تسجيل أكثر من 52 نقطة في المباراة المذكورة. وقد يأتي البعض ليقول هنا إن لبنان أيضاً لم يسجل سوى 64 نقطة في اللقاء، لكن الذهاب إلى المواجهة مع المنتخب التونسي يكشف العمل الدفاعي الكبير الذي يمكن لرجال المدرب جاد الحاج القيام به لإيقاف أي منتخبٍ خطير، وهو ما سيكون عليه حال «النشامى» بلا شك بوجود الدويري وتاكر، وطبعاً أصحاب الخبرة مثل موسى العوضي وزيد عباس وغيرهما.
لبنان يقتحم «حالة الطوارئ» الأردنية في التصفيات المونديالية
قوة لبنان في دفاعه
إذاً الدفاع أوّلاً، وهي نقطة قوة لا يمكن الوصول إليها بسهولة عند تأسيس منتخبٍ جديد، لكن المميّز في منتخبنا أن غالبية عناصره تلعب أدواراً مزدوجة بحيث يمكنها التسجيل وأيضاً الاندماج في المنظومة الدفاعية، وهي مسألة تريح حُماة السلّة وتخفّف الضغط عن المبادرين إلى التسجيل غالباً. وهنا نعني في الشق الأوّل أهمية وجود لاعبٍ مثل هايك غيوقجيان في المنتخب لمساعدة آتر ماجوك وعلي حيدر، وهو أمرٌ سيتعزّز مع استدعاء جيرار حديديان إلى التشكيلة التي يغيب عنها هذه المرّة علي مزهر بعد إصابته بفيروس «كورونا». أما في الشق الثاني فيمكن الحديث فيه عن أهمية وجود لاعبٍ حاسمٍ إضافي مثل سيرجيو الدرويش لتخفيف عبء هذه المهمة عن النجم وائل عرقجي. أضف إلى ارتقاء وافدين جدد آخرين إلى مستوى التحدي، أمثال صانع الألعاب جاد خليل الذي يقدّم أفضل مستوياته محلياً ودولياً، وذلك بعدما اكتسب الخبرة والنضوج اللازمين إثر تجربةٍ احترافية حملته إلى صربيا.
المهم أن لبنان ومدربه يعرفان تماماً بأن موقعة اليوم مختلفة تماماً عن ذاك اللقاء الذي جمع بين المنتخبين في دبي، كون المنتخب الأردني يدخل إليها بمقاربة مختلفة فرضها اكتمال صفوفه، إضافةً إلى توقّع حشدٍ جماهيري كبير في قاعة المباراة، فالدليل الآخر على إدراك الأردنيين لأهميتها هو إقرارهم فتح أبواب الملعب مجاناً لدخول المشجعين.
كما الأهم هو نسيان نشوة الانتصار العربي الكبير والوقوف مجدداً عند أساس المهمة، وهو العمل الدؤوب لتمكين التشكيلة وخلق أكبر قدرٍ من التجانس بينها قبل الانتقال إلى مواجهة كبار آسيا في التصفيات ومن ثم في البطولة القارية التي وضعتنا القرعة فيها أمام امتحانين صعبين يتمثّلان بالمنتخبين النيوزيلندي والفيليبيني (تضمّ المجموعة الهند أيضاً). وللوصول إلى مرحلة إسقاط منتخباتٍ بحجم هؤلاء لا بدّ من شحن النفوس معنوياً إلى أقصى الدرجات، وهو أمر متاح والشاحن سيكون العودة بانتصارٍ كبير من عمّان.