الرئيسية / سياسة / عون لمراعاة التوازن.. الحريري: لا تبديــل.. وبرّي يبدأ إتصالاته

عون لمراعاة التوازن.. الحريري: لا تبديــل.. وبرّي يبدأ إتصالاته

السبت 14 كانون الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

بحسب المناخ السياسي القائم في البلد، وبالفجوات الواسعة بين مواقف المكونات السياسية، فإنّ كلّ ما يحيط مسألة تكليف رئيس الحكومة الجديدة حالياً، من مناكفات وتباينات ومشاحنات ومحاولة خلط اوراق، وما يواكبها من صخب في الشارع وتحرّكات شعبية غاضبة في اتجاهات مختلفة، ما هو سوى تمهيد لعاصفة سياسية قاسية ستهبّ على حلبة الحكومة الجديدة.

المزاج الداخلي العام، وعلى اختلاف توجّهاته، يقارب الاستشارات النيابية الملزمة المقرّرة بعد غد الاثنين، بأنّ التكليف، صار في جيب الرئيس سعد الحريري، بمعزل عمّا اذا كان هذا التكليف سيأتي بنسبة عالية من اصوات النواب، او بنسبة هزيلة، الّا انّ حقيقة الأزمة الراهنة وتفاعلاتها، ستنكشف فور ان يبدأ الرئيس المكلّف خطوته الأولى نحو إعداد الصيغة الحكومية، التي يراهن عليها ان تكون أشبه بسفينة نجاة تحمل لبنان على متنها إلى برّ الأمان.

وكما هو واضح، تبعاً لمواقف القوى السياسية المتناقضة، فإنّ حقل التأليف أقرب الى حلبة مصارعة سياسية قاسية، ليس معلوماً بعد لمن ستكون الغلبة فيها؛ لحكومة اختصاصيين يريدها الحريري مع بعض حلفائه، أم لحكومة تكنوسياسية تنادي بها حركة «أمل» و«حزب الله» وحلفاؤهما، وكذلك تبنّى هذا الطرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي عكست الأجواء المحيطة به في الساعات الماضية، تأكيده المتجدّد على «انّ مصلحة البلاد والتوازن هي في حكومة تكنوسياسية». ومن دون ان يقفل رئيس الجمهورية الباب على النقاش مع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، حول اي صيغة حكومية يرغب في طرحها، والتي يستوجب حسم السير بها، التفاهم عليها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف تبعاً للنص الدستوري، الذي يحصر الصلاحية المشتركة بهما في عملية تشكيل الحكومة.

واذا كان المشهد االسياسي قد انشغل يوم امس، في تقييم الموقف الذي عبّر عنه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والخيارات – الهجومية – التي طرحها في وجه الرئيس سعد الحريري، فإنّ مقرّبين من «التيار» يعتبرون انّ باسيل حقق ما سمّوها ارباحاً على الخط الحكومي:

– الربح الأول، انّ باسيل استطاع ان يتوغّل أكثر ضمن المزاج المسيحي، وقدّم «التيار الوطني الحر» كورقة صعبة على الحلبة الداخلية ليس في الإمكان تجاوزها.
الربح الثاني، انّ باسيل تمكّن من إعادة خلط الاوراق عشية الاستشارات، مع ما يعني ذلك من إعادة فتح باب الاحتمالات على اكثر من مرشح لرئاسة الحكومة، ما يدلّ انّ الاستشارات ليست محصورة بمرشح وحيد هو الرئيس الحريري.
الربح الثالث، انّ باسيل تمكّن من خلال المقاربات التي طرحها حول الأزمة الداخلية واسبابها، يقترب من الحراك الشعبي، ويُخرج نفسه من الموقع الذي وُضع فيه منذ بدء الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول كهدف مصوّب من قبل المحتجين.
وعلى ما يقول المقرّبون من التيار، فإنّ ما عبّر عنه باسيل، يلقى تفهّماً كاملاً من قِبل رئيس الجمهورية، لا بل اكثر من ذلك، هو منسّق بالكامل مع رئيس الجمهورية».

عين التينة
الى ذلك، عكست اجواء عين التينة، ارتياحاً من قِبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري لأجواء الوزير باسيل، والسقف الذي حدّده في مؤتمره الصحافي، خصوصاً انّ جانباً كبيراً واساسياً من هذا المؤتمر سبق لباسيل ان اطلع رئيس المجلس عليه. ونقطة ارتياح بري مرتكزة على انّ باسيل، ووفق ما عرضه امام بري، كان يتجّه الى خيار آخر، واكثر حدّة، غير الذي اعلنه، وهو الاعلان عن الانتقال النهائي الى المعارضة، وهو ما امكن لبري خلال النقاش مع باسيل ان يُقنع رئيس «التيار» بالعدول عنه.
كذلك عكست اجواء عين التينة تأكيداً متجدّداً لرئيس المجلس على ان تُعطى الاولوية في هذه الفترة الى تشكيل حكومة جديدة إنقاذية للبلد، قبل اي عمل آخر. مشيرة الى انّ رئيس المجلس، وعشية الاستشارات النيابية الملزمة، بدأ حركة اتصالات على الخط الحكومي في اتجاهات مختلفة، مؤكّداً في الوقت نفسه انّه ماض حتى الآن في تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، الّا اذا بدّل الحريري رأيه، فعندها سيسمّي الشخصية التي سيسمّيها الحريري ويدعمها. مع الاشارة هنا الى انّ فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط من دون سعد الحريري، برئاسة شخصية يقبلها هو، قابلة للنقاش والأخذ والرد.

بيت الوسط
على انّ ما لفت الانتباه في الساعات الماضية، هو «الهدوء التام» على جبهة الرئيس المكلّف وتيار «المستقبل» حيال مواقف باسيل، في ما بدا انّ قراراً مُتّخذاً بعدم الدخول في سجال بين الجانبين، حيث لم يبدر من هذا الجانب اي موقف علني يعكس الامتعاض من موقف باسيل، ما خلا تأكيدات متجدّدة من قِبل اوساط قريبة من رئيس حكومة تصريف الاعمال، حول موقف الحريري الواضح والمُعلن من تشكيل حكومة اختصاصيين. وانّ الحريري وطيلة الفترة الماضية، عمل في هذا الاتجاه، وسيكمل فيه».
وقالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية»: «الحريري قال كلمته التي لا تبديل فيها ولا تعديل ولا حل برأيه سوى بحكومة ترضي المجتمعين الداخلي والدولي، حكومة منتجة خالية من منطق المحاصصة التقليدية، لتتمكّن من مواجهة الإستحقاقات الإقتصادية الخطيرة واستعادة الثقة المفقودة بالدولة والمؤسسات وبالنقد الوطني، بعدما اهتزت هذه الصورة نتيجة بعض الأخطاء السياسية التي اصابت علاقاتنا في الداخل ومسّت بعلاقاتنا الخارجية، وتحديداً مع اصدقاء لبنان الذين يتردّدون في مدّ يد المساعدة قبل تشكيل حكومة ذات مصداقية مغايرة كتلك التي كانت قائمة».
وانتهت هذه المصادر الى التأكيد بأنّ المرحلة استثنائية وتحتاج الى من يقوم بمهمة استثنائية وحكومة استثنائية تُحدث الصدمة المطلوبة، ليستطيع لبنان الخروج من المأزق الاقتصادي والنقدي الذي قادنا اليه البعض في ظل الحصار الدولي.
ولفتت، الى انّ معايير التشكيل وشكل الحكومة هما شأن اناطه الدستور برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة دون غيرهما، وما علينا سوى العمل على عبور مرحلة التكليف للدخول في المراحل الأخرى.

الاستشارات في موعدها
وفي غياب اي دور للوسطاء والاتصالات المباشرة بين المقرّات الرسمية، كشفت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لـ«الجمهورية»، انّ الترتيبات الخاصة بالإستشارات النيابية الملزمة قائمة، وليس هناك اي داعٍ لتعديل التوقيت ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان، وهو امر طبيعي للغاية، وعدا عن ذلك فكل شيء في موعده.
ولفتت هذه المصادر، الى انّ الوقت الفاصل عن هذه الإستشارات كافٍ للبتّ بالمواقف النهائية، وسيكون للكتل النيابية مواقفها المعلنة والثابتة، ففيها القول الفصل والنهائي ليبنى عليها ما هو مُفترض من خطوات لاحقة.
وإذ اشارت المصادر الى انّ رئيس الجمهورية، الذي اطّلع على نتائج مؤتمر باريس حول لبنان من المنسّق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش وكذلك من سفير بريطانيا كريس رامبلينغ، «يتمنى تشكيل الحكومة في اقرب وقت لتتحمّل مسؤولياتها الملقاة على عاتقها».
وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، انّ لرئيس الجمهورية موقفاً معلناً من الحكومة في شكلها ونوعيتها ومهامها، التي يرى انّها قادرة على إدارة المرحلة المقبلة ومواجهة التحدّيات. وقد قال كلمته في اوقات سابقة وفي اكثر من مناسبة، وهو دعا الى حكومة تكنو – سياسية لا تستثني احداً سوى من يستثني نفسه. ولذلك فانّ كان لأيّ فريق رأي آخر فالاستشارات التي سيُجريها الرئيس المكلّف ستكون الموقع الصالح لمناقشة كل ما هو مطروح، قبل التفاهم مع رئيس الجمهورية على التشكيلة النهائية وقبل إصدار مراسيمها بتوقيع مشترك مع الرئيس المكلّف كما يقول الدستور.

نصرالله: أوسع مشاركة
الى ذلك، برز امس، موقف وُصف بالهادئ داخلياً، للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله»، رفض فيه تشكيل حكومة في غياب «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
وأمل نصرالله «ان تحصل استشارات يوم الاثنين المقبل، وأن يحصل تكليف لأي شخصية تحظى بأكثرية الأصوات أو بالأصوات اللازمة، وبعد التكليف نتحدث عن تأليف الحكومة وشكلها»، مؤكّداً أنّ عملية التأليف لن تكون عملية سهلة. وكشف في إطلالة متلفزة عصر امس، أنّه «حتى الآن لا اتفاق على اسم معين، وكتلة «الوفاء للمقاومة» ستحدّد موقفها الاثنين».
وإذ دعا الى حكومة إنقاذ تضمّ أوسع مشاركة من القوى السياسية، أوضح أنّ تأليف أي حكومة يحتاج الى موافقة الأغلبية النيابية ونحن جزء من هذه الغالبية، كما انّ رئيس الجمهورية والعهد اساسي في هذه الغالبية. وقال: «كما رفضنا غياب «المستقبل» عن الحكومة، لا نقبل أيضا بألّا يشارك «التيار الوطني الحر»، مشيراً الى انّ خيار ترؤس الحريري للحكومة لا يزال مطروحاً انما عليه ان يحلحل الامور قليلاً. وخيار تسمية الحريري لرئيس حكومة ما زال مطروحاً أيضاً».
وتحدّث نصرالله عن أربعة خيارات كانت مطروحة، الأول والثاني يتمحوران حول خيار حكومة اللون الواحد التي رفضها «حزب الله» لفريقه السياسي وللفريق الآخر. ثم الخيار الثالث والرابع، ويتمحوران حول «حكومة الشراكة»، وفق اوسع تمثيل ممكن، مشيراً الى انّ الفرق بين الخيار الثالث والرابع له علاقة برئيس الحكومة. فالخيار الثالث كان يتمحور حول حكومة يرأسها سعد الحريري، لكنّ الأخير طرح مجموعة من الشروط وجدها فريقنا السياسي غير مناسبة، وبعضها «الغائي»، ما ادّى الى الانتقال الى الخيار الرابع، وهو الموافقة على اسم يقترحه الرئيس الحريري وتيار «المستقبل» وتوافق عليه الأغلبية النيابية، لكنه أيضاً لم يتحقق.
من جهة ثانية، وفي موقف لافت، تناول نصرالله الموقف الايراني والوضع العدائي بين إيران والولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، وقال: «انّ من يعتدي على ايران، فإنّ ايران هي التي ستردّ عليه وليس عبر حلفائها».

عقوبات
الى ذلك، وفي خطوة لافتة في توقيتها ومضمونها، أصدرت الولايات المتحدة الاميركية سلّة عقوبات جديدة على 3 شخصيات لبنانية و17 شركة تتهمها واشنطن بغسل الاموال وتمويل مخططات ارهابية و«حزب الله» .
وذكر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الاميركية، في بيان أصدره بهذا الشأن امس الجمعة، أنّه قرّر فرض عقوبات على رجل الأعمال اللبناني، ناظم سعيد أحمد، الذي يحمل الجنسية البلجيكية، و11 شركة تابعة له وتتخذ من بيروت مقراً لها. واحمد قدّم أموالاً لأمين عام «حزب الله» شخصياً، وأنّه تاجر ألماس ويُعرف بأنّه من أكبر ممولي الحزب. واستهدفت الخزانة الأميركية كذلك رجل الأعمال اللبناني، صالح عاصي، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، و6 شركات تابعة له، تتمركز 3 منها في لبنان و3 أخرى في جمهورية الكونغو الديموقراطية.
كما شملت العقوبات الأميركية المحاسب اللبناني، طوني صعب، الذي قالت وزارة الخزانة إنّه قدّم خدمات مالية لعاصي، ومتهم بتمويل «ميليشيا الحزب».
وادّعت الخزانة أنّ أحمد وعاصي هما «من أبرز منظّمي غسيل الأموال في لبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية»، مشيرة إلى أنّ شركاتهما «ولّدت عشرات ملايين الدولارات لـ«حزب الله» وأنشطته الخبيثة».
ولفتت الخزانة الأميركية إلى أنّها تواصل تركيز الاهتمام على إحباط «الأنشطة غير القانونية لـ«حزب الله»، وفرضت في إطار هذه الجهود، منذ العام 2017، عقوبات على أكثر من 80 شخصية وكياناً.

شينكر
في السياق نفسه، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، أنّ «منظمة حزب الله الإرهابية تعتمد على التمويل الخارجي وغسل الأموال».
وقال شينكر في تصريح لقناة «العربية» امس: «إنّ «منظمة حزب الله الإرهابية تسببت بمشكلات اقتصادية للبنان». كما أكّد أنّ «أشخاصاً من كافة المذاهب والأديان متورطون بتمويل حزب الله»، مشدّداً على أنّ «كل من يتورط في تمويل هذه المنظمة الإرهابية معرّض للعقوبات».

بومبيو
وفي سياق متصل، غرّد وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على حسابه على «تويتر» قائلاً: «نقف الى جانب الشعب اللبناني في محاربة الفساد والارهاب. اليوم قمنا بتصنيف رجلي أعمال لبنانيين اللذين قاما بدعم «حزب الله» من خلال أنشطة مالية غير شرعية».
وأضاف: «سنواصل استخدام كل امكاناتنا المتاحة لمواجهة التهديد الذي يمثله «حزب الله».

الجمهورية