مجلة وفاء wafaamagazine
بعد الانتهاء من العمل المُجهد والشاقّ، لا بدّ من الانعزال لبعض الوقت والبحث عن الراحة. ولتحقيق ذلك، يميل العديد من الأشخاص إلى سماع موسيقى هادئة، والاستمتاع بكوبٍ من الشاي العشبي، وإضاءة الشموع المعطّرة. لكن هل يمكن لهذه الأخيرة أن تكون سامّة؟
بِغضّ النظر عن الرائحة المُنبعثة منها، يبدو أنّ الشموع المعطّرة ليست مفيدة لجودة الهواء في الأماكن المغلقة. وتعليقاً على ذلك، قالت اختصاصية أمراض الرئة الطبيبة كافيتا غوبلراتنم، من الولايات المتحدة، إنّ «الشموع تطلق أول أوكسيد الكربون، والسخام، والمركّبات الكيماوية مثل الـ«Toluene» والـ«Benzene» في الهواء عند احتراقها».
– الـ«Toluene»
وأوضحت، أنّ «التولوين يرتبط غالباً بالأبخرة المُنبعثة من مخففات الطلاء وقد يهيّج العينين، والأنف، والحلق، والبشرة. كذلك يمكن أن يسبب اضطرابات متعلّقة بالتنفس عند الأشخاص المعرّضين لمشكلات في الجهاز التنفسي. واعتماداً على مستوى التعرّض، من المحتمل أن يؤدي التولوين أيضاً إلى التعب، والارتباك، والدوخة، والصداع، والقلق، والأرق، وتلف الكِلى والكبد والأعصاب».
– الـ«Benzene»
على صعيدٍ آخر، كشفت د. غوبلراتنم، أنّ «مركّب البنزين، الذي هو نوع من السموم يُطلق عند تدخين السجائر، ليس أفضل للصحّة. إنّه عبارة عن مادة كيماوية صناعية رُبطت بالسرطان. لكن رغم أنّ «National Cancer Association» أكّدت أنّ التعرّض للبنزين يزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم واضطرابات الدم، إلّا أنّه لم يتمّ إثبات وجود صلة سببية بين استخدام الشمعة وسرطان الدم. كما أنّ كمية البنزين المُنبعثة من الشموع أقل بكثير من تلك الناتجة من دخان السجائر. بالإضافة إلى ذلك، إنّ الآثار الصحّية للشموع المحترقة تعتمد إلى حدّ ما على كل شخص. إذ إنّ المصابين بأمراض الرئة كالربو أكثر عرضة للانعكاسات السلبية وعليهم الحذر بشكلٍ أكبر. علماً أنّ أبخرة الشموع يمكن أن تؤدي في الحالات القصوى إلى نوبة ربو حادّة تتطلّب جهاز استنشاق. كذلك تكون التفاعلات أكثر شيوعاً عند الأطفال بما أنّ أجسامهم أكثر تأثراً في أبخرة الشموع».
– المركّبات العضوية المتطايرة
رغم أنّ الدراسات التي أُجريت لتحديد مدى سُمّية الشموع المعطّرة محدودة، إلّا أنّ د. غوبلراتنم أشارت إلى «احتوائها على مركّبات عضوية متطايرة قد تؤدي إلى ردود فعل تحسّسية وتفاقم أمراض الجهاز التنفسي الموجودة. على سبيل المثال، إنّ «Formaldehyde» سامّ جداً ويُحتمل أن يسبّب السرطان».
ودعمت مجموعة دراسات هذه النتائج، آخرها تلك التي نُشرت كانون الثاني 2023 في «BMC Public Health» حيث أبلغ نحو ربع طلاب الجامعات الذين استخدموا الشموع المعطّرة عن مشكلات صحّية مثل الصداع، وضيق التنفس، والسعال. كما ارتبط التعرّض لها لمدّة ساعة أو أكثر بزيادة معدل الإصابة بأوجاع الرأس، والعطس، وصفير الصدر. لا بل أكثر من ذلك، اقترحت مراجعة نُشرت عام 2019 في «Cancer Prevention Research» أنّ المركّبات العطرية المُنبعثة عند حرق الشموع مرتبطة بزيادة بارتفاع خطر الإصابة بسرطان المثانة.
– لاختيار الأنواع الأكثر أماناً!
إنّ الخيار الأكثر أماناً هو الشموع الخالية من العطور. ولكن عند الرغبة في الحصول على رائحة جميلة، يُنصح بالبحث عن تلك التي تحتوي على الشمع والمكوّنات الطبيعية، أو الزيوت الأساسية.
وأفادت د. غوبلراتنم: «رغم قلّة البيانات، يبدو أنّ الشموع المصنوعة من البارافين، التي تحتوي على مركّب بترولي، يمكن أن تزيد من إطلاق الـ«Formaldehyde» في الهواء، مقارنةً بشمع العسل أو الشمع النباتي كالصويا. كذلك يجب التحقّق من فتيل الشمعة. خلال الأعوام الماضية، كانت الفتائل تحتوي على الرصاص. وصحيحٌ أنه تمّ حظرها، لكن لا بدّ من تجنّب الفتائل الملوّنة أو المعدنية، بما أنّها قد تحتوي على مواد كيماوية سامّة وتسبّب مخاطر صحّية. تُعدّ الفتائل القطنية غير المصبوغة، أو الورقية، أو الخشبية خياراً آمناً أكثر.