مجلة وفاء wafaamagazine
كتب رضوان عقيل في “النهار”:
سيطر اسم وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي على المشهد القضائي والسياسي في الايام الاخيرة بعد طلب المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار رفع الحصانة عن النواب غازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق وعدد من القادة الامنيين الحاليين والسابقين. ويحتل هذا التطور القضائي صدارة الاهتمامات والمتابعة السياسية عند مختلف الافرقاء، فضلاً عن تحوّله مادة اولى عند اهالي الضحايا وقضية رأي عام عند اللبنانيين. وبقيت الانظار مصوّبة على كيفية تعاطي فهمي مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، الى ان انتهى الامر بعدم اعطاء إذن بمثول ابرهيم امام البيطار وملاحقته والتحقيق معه.
وكان قد سبق هذا القرار، بحسب معلومات لـ”النهار”، حصول اتصال بين فهمي وابرهيم. وجاء موقف الثاني بأنه تحت القانون وان مديرية الامن العام قامت بالواجبات المطلوبة منها في المرفأ على خلفية نيترات الامونيوم التي أدت الى الانفجار الكبير. وكان تركيزه على مسألة احترام القواعد القانونية والقضائية وعدم القفز فوقها. وسمع فهمي منه: “لا أحرج في هذا الموضوع. وانا (اللواء) تحت القانون ولن اخالفه”. وجاء رد فهمي على ابرهيم بأنه يعرفه منذ سنوات. ويقول: “لم أتلق اي استشارة قانونية من ابرهيم او سواه. ولا أنفذ الا اقتناعاتي”. ويشدد على عدم مخالفته القانون ولا سيما حيال قضية في هذا الحجم، ولن يقدم على اتخاذ اي خطوة او قرار بحكم المسؤولية التي يشغلها قبل الركون الى اهل الاختصاص في حقل القانون. وهذا ما اقدم عليه بالفعل من خلال رجوعه الى الدائرة القانونية في الوزارة، فضلاً عن تواصله واستماعه الى عدد من القضاة المتقاعدين والمحامين.
ويوضح فهمي لـ”النهار” أنه يرفض التهرب من تطبيق القانون الذي يبقى مرجعه الاول منذ دخوله الى الكلية الحربية وبدء مسيرته العسكرية الى تسلمه وزارة الداخلية، و”سأبقى على هذا المنوال الى آخر يوم في حياتي”. ولا يريد تقديم اي ملاحظة على اداء البيطار والمهمة التي يتولاها. وسبق لفهمي ان التقاه واستمع اليه المحقق العدلي لنحو ساعة و”تعاطى معي بكل احتراف وشفافية. وانا ضعيف امام القاضي النظيف. ولمست في شخصه الكريم مثال القاضي النزيه والساهر على الملف الذي تسلمه بغية كشف حقيقة ما حصل في تفجير المرفأ. ومن حق ابناء الشهداء وكل اللبنانيين معرفة حقيقة ما حصل وهذا ما قلته واكدت عليه للاهالي. ولا احد يمكنه إلا ان ينحني امام اوجاعهم”. وبعد الخلاصة القانونية التي توصل اليها فهمي اتخذ قراره ورفض اعطاء الاذن بملاحقة ابرهيم.
في غضون ذلك، تتجه الانظار الى جواب المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري المكلف متابعة ملف تفجير المرفأ وما اذا كان سيقدِم على فسخ قرار فهمي ام سيبقي عليه كما هو. ويعطيه القانون صلاحية أمر البت نهائيا بهذا الموضوع استنادا الى قانون اصول المحاكمات الجزائية.
وينفي فهمي هنا ان يكون قد تلقى اي ضغوط من ابرهيم او من أي جهة اخرى، “وأقسم بالقرآن الكريم أني لم الجأ الى خياري الا من خلال الاستناد الى القواعد القانونية ولا أريد ان أحمي احدا، ولا اساس لكل الكلام الذي تردد بان حزب الله يقف وراء رفض رفع الحصانة عن اللواء ابرهيم”. ويضيف: “هذا الملف اصبح عند القضاء ولا اريد الادلاء او التعليق على هذا الموضوع اكثر من الكلام الذي قلته”.
ويكرر أنه مع ضرورة متابعة هذا الملف الى النهاية ولا يحق لفرد او لجهة المساومة على دماء الضحايا او استثمارها، “وهذا ما قلته لأهالي الضحايا وانا كنت وما زلت أقف الى جانبهم على رغم كل ما تعرضت له في منزلي والبناية التي اسكن فيها، واعتذر من كل الجيران على ما تعرضوا له ايضاً. وانا خجول منهم من جراء تضرر البناية ومدخلها وتكسير زجاج اكثر من سيارة، واعتذرت منهم وتلقيت اكثر من اتصال تضامني معي. واذا كان من حق أهالي الشهداء التظاهر والتعبير عن حالة الغضب التي وصلوا اليها، الا ان ثمة جهات دخلت على خطهم” بحسب فهمي وتظاهرت امام منزله و”عمدت الى التخريب وسقوط جرحى من قوى الامن الداخلي لأن البعض يريد الاستثمار في هذه الجريمة التي وقعت حيث يتم تغليب الاجندات السياسية في هذا الملف وادخالها في التحقيقات التي يقوم بها القاضي البيطار وله مني كل الاحترام والتقدير”.
ويخلص وزير الداخلية الى ان ضميره مرتاح في ما اتخذه حيال هذه القضية ولا توجد عنده اي طموحات نيابية او لرئاسة الحكومة، “وكل ما يهمني هو استمراري في القيام بالواجبات المطلوبة مني في الوزارة في انتظار اليوم الذي تتشكل فيه الحكومة المقبلة”.