مجلة وفاء wafaamagazine
رغم حرص الشركات والمؤسسات على وضع معايير محددة في التوظيف، فإنها -بلا شك- لا تتحكم في مشاعر الموظفين تجاه بعضهم بعضا، ولذلك ربما تجد نفسك في وظيفة ما، بها زميل حاسد ويصعب عليك معرفة سبب سلوكه السلبي معك، إلا أنه في الحقيقة لا يحبك ويشعر بالغيرة دائما عندما يوجه أحدهم المديح لك.
في مقالها على موقع “سيكولوجي توداي” (Psychology Today)، تقول الكاتبة إيمي كوبر حكيم -الحاصلة على دكتوراه في علم النفس الصناعي والتنظيمي للمؤسسات- قد يكون من الصعب معرفة سبب تصرف الزميل بشكل سلبي. ففي بعض الأحيان، قد لا يكون للسلوك السلبي من زميل العمل تجاهك أي علاقة بك أو بأدائك في العمل. وقد يعاني الزميل من اضطراب في الشخصية أو يتصرف بعدائية تجاه كل فرد في المكتب.
وتابعت إيمي -مؤلفة كتاب “العمل مع الأشخاص الصعبة”- قد يكون هناك شيء ما يحدث في حياته الشخصية لا علاقة له بالعمل، لكن في جميع الأحوال هذا الزميل يجلب الطاقة السلبية إلى مكان العمل.
الزميل الحاسد مستاء منك دائما، ولديه شعور بعدم استحقاقك ما أنت عليه، بل ويعتقد أنه يجب أن يحصل على ما لديك.
أسوأ جزء في الحسد هو أنه يقوض الروح ويستهلك الطاقة التي كان من الممكن استخدامها بشكل أفضل لصالح العمل أو لإضفاء روح طيبة في المكان.
والمؤسف في الأمر أن زميل العمل الحاسد يجبرك على الدخول في معارك طفولية لا هدف منها سوى تعكير صفو يومك وتشويه صورتك في العمل، ولن يتخلى عن رغبته في الانتقام غير المبرر إلا إذا تصديت لهجماته ونجحت في إدارة مشاعره عن بعد.
سيكولوجية الزميل الحاسد
بحسب مقال للكاتبين تانيا مينون ولي طومسون في مجلة “هارفارد بيزنس ريفيو” (HBR)، يوصف الحسد أحيانًا بأنه مجهر اجتماعي. عندما ينزعج زميلك في العمل من نجاحك أو نجاحات الآخرين، فيصبح مهووسا بالتفاعل مع المنافسين، يقارن مكافآتهم بما يحصل عليه، ويفرط في تحليل الثناء العابر الذي يمنحه المدير للآخرين. وفي الوقت نفسه، يحاول تعزيز غروره الهش على حساب خصومه الافتراضيين.
ويركز الشخص الحاسد على المنافس حتى يفقد تركيزه على أدائه.
يُرضي الحاسد نفسه بالتقليل من مهارات الآخرين، على سبيل المثال، إذا كنت تمتلك مهارة اتقان عدة لغات، فإنه سيقلل من أهمية تلك الميزة في العمل، وسيحاول الاستخفاف بها أمام نفسه وأمام الآخرين.
وقد يعزو تميز زملاء العمل إلى وسامتهم أو استخدامهم لطرق غير مشروعة في سبيل النجاح، أو سيبرر تميز هؤلاء بعلاقتهم بمديريهم.
إستراتيجية الحماية
لا تحاول الدخول في معارك بهدف الانتصار، لا تدعه يجرفك إلى مساره، أنت فقط تحاول حماية نفسك من دون الظهور في صورة المستضعف، والتزم بالنصائح التالية:
حافظ خلال محادثاتك على مستوى عالٍ من الود. ولا تدخل في جدال، لا سيما مع الآخرين الحاضرين؛ لأنه سينتهز الفرصة في التحالف مع الآخرين ضدك.
شجع زميلك في تحديد أهدافه الشخصية وتطوير مهاراته وخبراته الخاصة، من دون أن توجه إليه النصيحة بصورة مباشرة، سيعزز هذا إحساسه بقيمته الذاتية. وسيبدأ في الاهتمام بشؤونه.
انزع سلاحه بالمديح، وذكّر زميلك الحاسد بأن لديه مهارات خاصة يتميز بها عن الآخرين، وتحدث بإعجاب عن إنجازاته، وقدم اقتراحات مفيدة له للتفكير في ما لم يحدث له من قبل.
عندما يتصرف زميل العمل بطريقة غيورة، لا تدع غضبه يصبح معديًا لك، ويؤثر على حكمك الصائب.
تحدث عن تميز زميلك في مهارة ما بالعمل أمام مديره، ويفضل أن تكون تلك المهارة بعيدة عن مجال التنافس بينكما.
ربما لا تصيب الأسلحة السابقة، وقد تحتاج إلى الاستعانة بالموارد البشرية للحصول على المساعدة، ولتنظيم العمل والحد من الطاقة السلبية بالمكان.
بصفتك مديرا.. كيف توقف الحسد في فريقك؟
من ناحية أخرى، ربما لا يحسدك زميل العمل، فقد تكون أنت المدير لفريق يتضمن موظفا حاسدا لزملائه، في هذه الحالة يتعين عليك إدارة هذه المشكلات بين أفراد الفريق بحكمة، قبل أن يدمر أحد عناصرها بيئة العمل كاملة.
عندما يصبح الموظف مهووسا بنجاح زملائه، ينعكس ذلك على تقدم العمل، ومن ثم يصبح المحسود أيضا متحفزا لمواجهة التخريب المحتمل.
بصفتك مديرًا، قم بالتالي لنزع فتيل الأزمة:
فصل القوات: عندما يشعر الحاسد بأهمية دوره، وحدود صلاحياته، ستتقلص لديه المقارنات البغيضة.
توزيع المهام على فريق العمل بصورة واضحة: ولا تحاول أن تضع مهاما مشتركة تنطوي على تعاون بين طرفين متنازعين.
احذر المحفزات اللغوية: يولد المديرون الحسد عن غير قصد من خلال الإشارة، من خلال تلميحات خفية، إلى أنهم يقدرون أنواعًا معينة من السمات والنجاحات أكثر من الآخرين التي قد تكون أقل جذبًا للانتباه، لذا كن حذرًا بشكل خاص بشأن استخدامك للغة.
قم بتوضيح آلية المكافآت العادلة، وتذكر أن التقييم المبالغ فيه للموظف المتميز قد يتسبب في تأسيس بيئة عمل سامة. كافئ الموظف على قدر عمله. ولا تجعل المكافآت سرية، ففي حالة تسرب الخبر للآخرين ستزيد من حالة الاحتقان.