الرئيسية / آخر الأخبار / طباره : سـيناريوهان لحرب بوتين

طباره : سـيناريوهان لحرب بوتين

مجلة وفاء wafaamagazine

يوضح الديبلوماسي وسفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طباره لـ»الجمهورية»، في قراءة للأزمة الروسية – الأوكرانية، أنّه لم يتظَهّر بعد ماذا يفكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيراً الى أنّ روسيا تدفع ثمناً كبيراً لاجتياح أوكرانيا، إن كان جرّاء العقوبات أو تراجع نسبة العملة المحلية الروبل بنسبة كبيرة وارتفاع الفائدة.

كذلك يشير طباره الى أنّ هناك نظريتين عن توجّه بوتين:
الاولى: يستبعد طباره حصولها، وهي وجهة نظر متشائمة، تنطلق ممّا سبق أن قاله بوتين منذ عام 2020 في تصريحاته، عن أنّ أكبر جريمة حصلت في القرن العشرين هي انحلال الاتحاد السوفياتي والامبراطورية الروسية. وبالتالي، إذا كان حلم بوتين استعادة الامبراطورية، فهذا يعني أنّ دخول أوكرانيا بداية لإعادة التوسُّع والسيطرة أقلّه سياسياً على المناطق والجمهوريات التي خسرها الاتحاد السوفياتي، ما يعني أنّ هناك حرباً طويلة وخطيرة، ليس في اوكرانيا فقط، بل ستتبعها خطوات أخرى، قد تؤدي الى حرب عالمية ثالثة.

الثانية: أنّ بوتين يريد وضع حدود لأوروبا مع روسيا بحيث أنّ كل الدول المرتبطة بروسيا وخصوصاً أوكرانيا يجب أن تكون إمّا تحت سيطرته أو حيادية. ويذكّر طباره أنّ بوتين سبق أن فشل في أوكرانيا، إذ حصلت في عام 2014 ثورة ضد رئيس الجمهورية الأوكراني الذي هرب وكان موالياً جداً لبوتين، ومنذ ذلك الحين أتت إدارات وحكومات أوكرانية أوروبية أكثر من الأوروبيين، خصوصاً الرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي يطالب بالدخول الى حلف «الناتو» والاتحاد الأوروبي. وبالتالي، حاول بوتين سياسياً في أوكرانيا ولم ينجح، ويحاول الآن عسكرياً وميدانياً رَسم حدود حتى لو بثمن كبير – قد يكون لم يُحسن تقديره – لكي يضع الحدود النهائية مع اوروبا. لذلك حين حصلت قلاقل في بيلاروسيا أرسل بوتين فرقاً من الجيش في اليوم التالي، كذلك في كازاخستان، لكي يساعد النظام الموالي له.

ويوضح طباره أنّ هناك فارقاً بين هاتين الحالتين والوضع في أوكرانيا، إذ إنّ النظامين في بيلاروسيا وكازاخستان مواليان لروسيا وبالتالي ساعد بوتين السلطتين الرسميتين لكي تبقيا حاكمتين، أمّا في اوكرانيا فهو يريد قلب الحكم، لذلك إنّ الامور معقدة أكثر، ويجب الانتظار بضعة أيام لتبيان توجهات بوتين.
ويرى طباره أنّه كلّما طالت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أصبحت «أفغانستان ثانية»، إذ يبدأ تدخل الدول الأخرى وإرسال السلاح، مشيراً الى أنّ التدخل السوفياتي في أفغانستان ساهم في النهاية في انحلال الاتحاد السوفياتي، وبوتين لا ينسى ذلك، لذلك سيصرّ على أن لا تكون أوكرانيا دولة أوروبية كاملة. وكلّما طالت الأزمة باتت حالة بوتين متدنية ومتراجعة أكثر، لذلك سيضع كلّ قوته لكي يحتل العاصمة الأوكرانية كييف ويعتقل زيلينسكي ويأتي مكانه بإدارة موالية لروسيا. وبالتالي إنّ الأزمة الآن أمام هذا المفترق.

وعن سهولة تحقيق بوتين هدفه في وقتٍ يظهر أنّ الشعب الأوكراني مؤيد لتوجهات رئيسه، يشير طباره الى أنّ 20 في المئة من شعب اوكرانيا روس، خصوصاً في الشرق، فضلاً عن إعلان الاعتراف باستقلال إقليمَي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين عن أوكرانيا. وبالتالي، إنّ أوكرانيا ليست متماسكة مثلما تنقل وسائل إعلام. كذلك هناك فارق كبير واختلال في موازين القوى بين روسيا وأوكرانيا، ويحاول بوتين أن يسيطر بسرعة وإذا لم ينجح ستتحوّل العملية حرب عصابات كما حصل في أفغانستان، وستصبح دموية أكثر لأنّ بوتين سيضع كلّ ثقله لكي يحتل على الأقل القسم الشرقي من أوكرانيا بدءاً من كييف، ويحاول أن يقسمها في النصف ثم يبدأ بمفاوضة الاوروبيين.

وعن توسُّع الحرب الروسية على أوكرانيا لتصبح حرباً عالمية ثالثة، يستبعد طباره أن تندلع حرب عالمية نووية تُستعمل فيها كلّ أنواع الاسلحة، إذ إنّ الحرب العالمية الثالثة لها تبعات أكبر بكثير من الذي يحصل الآن. ويشير الى أنّ حرب بوتين على أوكرانيا تشبه كثيراً بداية الحرب العالمية الثانية، عندما دخل زعيم المانيا ادولف هتلر تشيكوسلوفاكيا بحجة أنّ هناك الماناً يريد أن يحميهم كما يقول بوتين الآن عن حماية المدنيين في دونباس. وفي حين أنّ البداية هي نفسها، الّا أنّ الواقع على الأرض ليس نفسه، وعند بداية الحرب العالمية الثانية لم يكن هناك قنبلة ذرية وسلاحاً نووياً كما الآن. كذلك هناك شبه بين الأزمة الحالية وأزمة كوبا، إذ إنّ العالم تغيّر بسبب وجود السلاح النووي، ووجدوا حلاً في النهاية في كوبا لأنّها وصلت الى حدود السلاح النووي. إنطلاقاً من ذلك، يرى طباره أنّ السلاح النووي رادع لحصول حرب عالمية. وأي حلّ للأزمة الروسية – الأوكرانية بات مرتبطاً بالوضع على الأرض، فإذا عَلق بوتين في الوحول الأوكرانية سيتساهَل لكي يخرج منها، والعكس صحيح.