مجلة وفاء wafaamagazine
محمد وهبة
فيما تنصّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خطّة الحكومة، رغم مشاركة مندوبيه في معظم اجتماعات اللجنة التي ناقشتها وصاغتها، بدأ يعمل على رصّ صفوف المصارف بوجهها، تزامناً مع هجوم أميركي يستهدف التحريض ضدّ حزب الله مقابل المساعدات المالية الخارجية
بدا واضحاً من مجريات اللقاء الشهري بين حاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف، المتزامن مع مواقف خارجية ومحلية لافتة، أن الحاكم رياض سلامة يحرّض الجمعية على الخطّة الحكومية، ويغري المصارف باستعادة السيطرة على عملية توزيع الخسائر لتعديل الخطّة بما يتلاءم مع ما يقبل به أصحاب المصارف وأصحاب المصالح التي يرعاها ضمن منظومة الحكم القائمة. وهذا يتطلب التوقف عن لعب توزيع الأدوار بين المصارف والسياسيين، والانصراف «معاً» نحو الدفاع عن «النموذج» الذي يضمن إعادة تكوين ثروات القلّة على حساب الأكثرية، كما حصل في العقود الثلاثة الأخيرة.
دور سياسي
محاولة سلامة التحريض على الخطّة تتناغم مع محاولات أميركية يتقدمها السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان، الذي اعتبر أن «ما يختلف في هذه الخطة عن سابقاتها هو أن الحكومة تستند إلى دعم من حزب الله وحلفائه». أيضاً قال: «التحدّي الذي يواجه (رئيس الحكومة حسان) دياب سيكون في إقناع المانحين بأن هذه الخطّة لا تعزّز هيمنة حزب الله في دولة متصدّعة ومختلّة بشكل متزايد، إن لم تكن غير موجودة». وهو المضمون نفسه، تقريباً، الذي ورد على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، لقناة «أل بي سي آي» أمس.
كذلك جاء كلام سلامة وفيلتمان متزامناً مع كلام رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بعد اجتماع بعبدا المالي: «جوابنا الرئيسي هو أننا لن نتبع هذه الخطة ولا أي خطّة قبل أن تُظهر الحكومة أنها جادة وتريد ملء جميع مزاريب النفايات في الدولة… على الحكومة اتخاذ قرار بإغلاق المعابر غير القانونية فوراً».
محاولة سلامة التحريض على الخطّة تتناغم مع محاولات أميركية يتقدمها السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان، الذي اعتبر أن «ما يختلف في هذه الخطة عن سابقاتها هو أن الحكومة تستند إلى دعم من حزب الله وحلفائه». أيضاً قال: «التحدّي الذي يواجه (رئيس الحكومة حسان) دياب سيكون في إقناع المانحين بأن هذه الخطّة لا تعزّز هيمنة حزب الله في دولة متصدّعة ومختلّة بشكل متزايد، إن لم تكن غير موجودة». وهو المضمون نفسه، تقريباً، الذي ورد على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، لقناة «أل بي سي آي» أمس.
كذلك جاء كلام سلامة وفيلتمان متزامناً مع كلام رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بعد اجتماع بعبدا المالي: «جوابنا الرئيسي هو أننا لن نتبع هذه الخطة ولا أي خطّة قبل أن تُظهر الحكومة أنها جادة وتريد ملء جميع مزاريب النفايات في الدولة… على الحكومة اتخاذ قرار بإغلاق المعابر غير القانونية فوراً».
حاكم «المركزي»: مصرف لبنان والمصارف تبقى حتى إشعار آخر خاضعة لقانون النقد والتسليف
ثمة ما هو مريب بشأن هذه المواقف وتزامنها. فسلامة يعيد شدشدة الأدوات التي يعمل بواسطتها، والمصارف أبرزها، وذلك بعد معركة على إقالته. وسيلي هذه المعركة، كما يلمح سلامة، معركة محلية في مجلس النواب متّصلة بإقرار القوانين التي تحتاج إليها الخطّة. هذه المعركة المقبلة تستوجب وقف «نغمة» توزيع الأدوار بين المصارف ومعظم فئات السلطة السياسية، والتحوّل نحو ترميم جبهة الشراكة بين قوى المال والسياسة واستبعاد التراشقات الشعبوية. سيترجم هذا الأمر بفعالية في مجلس النواب، حيث هناك عدد من النواب والسياسيين الرافضين لمسائل أساسية في الخطة مثل احتساب وتحديد الخسائر وآليات توزيعها عبر شطب رساميل المصارف والقص من الودائع الكبيرة… ستعود نغمة القطاع العام هو السبب وتستعاد لهجة «سلسلة الرتب والرواتب هي السبب».
جبهة الهجوم على الخطّة
على أي حال، إن كلام سلامة في اللقاء الشهري المنعقد في 6 أيار والصادر بالتعميم 94 كان واضحاً. فهو «تحفّظ على المنهجية المستعملة لمقاربة ومعالجة الخسائر المزعومة لمصرف لبنان الواردة في الخطة الحكومية لمعالجة الأوضاع المالية». ثم تنصّل نهائياً من الخطة، مشيراً إلى أن «مصرف لبنان لم يشترك بوضع هذه الخطّة». ورأى أن «غالبية الاقتراحات تستوجب دراسة قانونية ودستورية دقيقة، وأن مصرف لبنان والمصارف هي، حتى إشعار آخر، خاضعة لقانون النقد والتسليف». المستغرب أن ممثلين من مصرف لبنان، وأبرزهم مدير العمليات المالية، شاركوا في معظم الاجتماعات التي عقدت في السرايا الحكومية لإعداد ومناقشة الخطة بمراحلها كافة.
كابيتال كونترول لحماية المصارف
كذلك، كان مفاجئاً أن يستعيد سلامة والمصارف الحديث عن مسألة الكابيتال كونترول. المحضر يشير إلى أن النقاش تمحور حول «أهمية إقرار قانون الكابيتال كونترول لحماية المودعين وعدم قدرة مصرف لبنان على إقراره منفرداً وفق القوانين المرعية الإجراء».
في الواقع، إن مصرف لبنان شرّع أجزاء من الكابيتال كونترول الذي مارسته المصارف بحق المودعين، فيما المستفيد الأساسي من أي كابيتال كنترول ليس المودع، بل المصارف الخائفة من دعاوى أجنبية تعرّضها للإفلاس. لا بل تقول مصادر مطلعة، إن هناك الكثير من الدعاوى المرفوعة ضدّها من مودعين أجانب، أو أطراف أجنبية في عمليات نفذت بينهم وبين أطراف محلية. الكابيتال كونترول الذي يقترحه أصحاب المصارف وظيفته الأساسية حمايتهم وحماية رساميلهم وليس المودعين الذين اكتشفوا أن المصارف استعملت أموالهم بشكل مسيء للأمانة.
ورغم أن سلامة يزعم الحفاظ على سلامة النقد اللبناني، إلا أنه يتهاون مع مسائل المضاربة على العملة والأهداف منها. فقد طلب من المصارف التي تستقطب «الأموال الطازجة» مقابل دولارات محلية مضاعفة، التوقف عن ذلك «على أنه يمكن تفهّم هذه العمليات إذا كانت لحالات استثنائية محدّدة فقط». ما هي هذه الحالات؟ لماذا لا يصدر تعميماً يحدّدها؟ ألا يشي قيام بعض المصارف بهذا النوع من العمليات بأن هذه المصارف مفلسة تقنياً وأن مصرف لبنان يغطّي النقود الجديدة عبر طبع المزيد من العملة المحلية؟
سلامة حاضر دائماً
أسوأ ما في هذا اللقاء أن المحضر يوثّق حضور لجنة الرقابة على المصارف! ربما لا يعلم سلامة ولا المصارف ولا كاتب المحضر الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، أن ولاية لجنة الرقابة على المصارف انتهت منذ آذار الماضي. رغم ذلك، يقول سلامة إن «مصرف لبنان يدرس مع لجنة الرقابة على المصارف حالياً مشروع تعميم يقضي برفع قيمة الخسائر الائتمانية المتوقعة». لعل سلامة يعتقد أن حضوره كاف لاختزال المجلس المركزي لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف أيضاً.
جبهة الهجوم على الخطّة
على أي حال، إن كلام سلامة في اللقاء الشهري المنعقد في 6 أيار والصادر بالتعميم 94 كان واضحاً. فهو «تحفّظ على المنهجية المستعملة لمقاربة ومعالجة الخسائر المزعومة لمصرف لبنان الواردة في الخطة الحكومية لمعالجة الأوضاع المالية». ثم تنصّل نهائياً من الخطة، مشيراً إلى أن «مصرف لبنان لم يشترك بوضع هذه الخطّة». ورأى أن «غالبية الاقتراحات تستوجب دراسة قانونية ودستورية دقيقة، وأن مصرف لبنان والمصارف هي، حتى إشعار آخر، خاضعة لقانون النقد والتسليف». المستغرب أن ممثلين من مصرف لبنان، وأبرزهم مدير العمليات المالية، شاركوا في معظم الاجتماعات التي عقدت في السرايا الحكومية لإعداد ومناقشة الخطة بمراحلها كافة.
كابيتال كونترول لحماية المصارف
كذلك، كان مفاجئاً أن يستعيد سلامة والمصارف الحديث عن مسألة الكابيتال كونترول. المحضر يشير إلى أن النقاش تمحور حول «أهمية إقرار قانون الكابيتال كونترول لحماية المودعين وعدم قدرة مصرف لبنان على إقراره منفرداً وفق القوانين المرعية الإجراء».
في الواقع، إن مصرف لبنان شرّع أجزاء من الكابيتال كونترول الذي مارسته المصارف بحق المودعين، فيما المستفيد الأساسي من أي كابيتال كنترول ليس المودع، بل المصارف الخائفة من دعاوى أجنبية تعرّضها للإفلاس. لا بل تقول مصادر مطلعة، إن هناك الكثير من الدعاوى المرفوعة ضدّها من مودعين أجانب، أو أطراف أجنبية في عمليات نفذت بينهم وبين أطراف محلية. الكابيتال كونترول الذي يقترحه أصحاب المصارف وظيفته الأساسية حمايتهم وحماية رساميلهم وليس المودعين الذين اكتشفوا أن المصارف استعملت أموالهم بشكل مسيء للأمانة.
ورغم أن سلامة يزعم الحفاظ على سلامة النقد اللبناني، إلا أنه يتهاون مع مسائل المضاربة على العملة والأهداف منها. فقد طلب من المصارف التي تستقطب «الأموال الطازجة» مقابل دولارات محلية مضاعفة، التوقف عن ذلك «على أنه يمكن تفهّم هذه العمليات إذا كانت لحالات استثنائية محدّدة فقط». ما هي هذه الحالات؟ لماذا لا يصدر تعميماً يحدّدها؟ ألا يشي قيام بعض المصارف بهذا النوع من العمليات بأن هذه المصارف مفلسة تقنياً وأن مصرف لبنان يغطّي النقود الجديدة عبر طبع المزيد من العملة المحلية؟
سلامة حاضر دائماً
أسوأ ما في هذا اللقاء أن المحضر يوثّق حضور لجنة الرقابة على المصارف! ربما لا يعلم سلامة ولا المصارف ولا كاتب المحضر الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، أن ولاية لجنة الرقابة على المصارف انتهت منذ آذار الماضي. رغم ذلك، يقول سلامة إن «مصرف لبنان يدرس مع لجنة الرقابة على المصارف حالياً مشروع تعميم يقضي برفع قيمة الخسائر الائتمانية المتوقعة». لعل سلامة يعتقد أن حضوره كاف لاختزال المجلس المركزي لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف أيضاً.
الأخبار